الفعلية مفقودة في جميع ذلك ، ومع ذلك لا تجوز الصلاة في الوبر المتخذ منه أو غيره من سائر أجزائه بلا إشكال. وأيضاً ربما يحرم أكل لحم المعز لضرر أو غصب أو صوم أو عدم ورود التذكية عليه لكونه حياً بالفعل أو ميتة ، فيحرم الأكل فعلاً ومع ذلك تجوز الصلاة في صوفه بلا إشكال. فيظهر أنّ العبرة بالحلّية والحرمة الثابتتين في أصل الشرع ، وبنحو الشأنية دون الفعلية منهما التي تختلف باختلاف الحالات والأشخاص ، ولا تكون عامّة لجميع الناس.
ثم إنّ مقتضى إطلاق الأدلّة عدم الفرق في هذه الحرمة الثابتة في أصل الشرع بالإضافة إلى عامّة الناس بين ما كانت ذاتية كالأسد ونحوه ، وبين ما طرأت لجهة عارضية كالموطوء وشارب لبن الخنزيرة ، والحرمة في كلتا الصورتين ثابتة في أصل الشرع وعامّة لجميع المكلّفين من دون اختصاص بشخص خاص أو حالة مخصوصة ، فيصدق على الثاني كالأوّل أنّه مما حرّم الله أكله في الشريعة المقدسة صدقاً حقيقياً ومن دون عناية كما لا يخفى. فلا موجب لاختصاص الحكم بالأوّل ، ولا يقاس ذلك بالحرمة الثابتة لبعض الأشخاص أو في بعض الأحوال لجهة عارضية كالأمثلة المتقدّمة آنفاً ، للفرق الواضح بين المقامين في الصدق المزبور كما لا يخفى.
وهل المراد بالحرمة ما كانت دائمة أبدية وإن كانت عرضية ، بحيث لم توقّت بوقت ولم تقبل للزوال كما في الموطوء وشارب لبن الخنزيرة ، حيث إنّ الحرمة فيهما ثابتة أبداً كالمحرّم الذاتي ، بل في الشارب تسري إلى النسل أيضاً ، أو تعمّ الحرمة الموقتة القابلة للزوال كما في الجلال حيث تزول الحرمة بزوال الجلل باستبراء ونحوه؟ اختار شيخنا الأُستاذ قدسسره الأوّل (١) ولم نعرف له وجهاً صحيحاً ، بل الأقوى الثاني ، لاندراج الكلّ تحت إطلاق الأدلّة بملاك واحد كما لا يخفى.
__________________
(١) رسالة الصلاة في المشكوك : ٩٦.