يكن الملبوس بنفسه مصداقاً له فكيف يصدق عنوان لبس الذهب ، وأنّ المكلّف لابس للذهب.
وبالجملة : فلا وجه لحرمة اللبس في هذين القسمين بعد قصور الأدلّة عن الشمول ، إلا إذا صدق عنوان التزيين فيمكن القول بالتحريم حينئذ من تلك الجهة ، وسيجيء الكلام فيه إن شاء الله تعالى (١).
وهل تبطل الصلاة في القسمين فتثبت الحرمة الوضعية وإن لم تثبت النفسية؟
قد يقال بذلك نظراً إلى شمول موثقة عمار الناهية عن الصلاة في الذهب لمثل ذلك ، إذ يصدق على من صلّى في ثوب مطرّز بالذهب أو كانت لحمته أو سداه منه أنّه صلّى في الذهب وإن لم يصدق لبسه ، ولأجله حكمنا ببطلان الصلاة مع استصحاب شيء من أجزاء ما لا يؤكل وإن لم يكن لابساً له ، للصدق المزبور.
ويندفع : بظهور كلمة « في » في الظرفية. فالممنوع إيقاع الصلاة في الذهب على وجه يكون الذهب ظرفاً لها ، وحيث إنّ هذا على ظاهره لا محصّل له كما لا يخفى فيكون إسناد الظرفية إلى الذهب إسناداً مجازياً باعتبار كونه ظرفاً للمصلّي ، فالمظروف حقيقة هو المصلّي ، ولا يكون الذهب ظرفاً له إلا مع اشتماله عليه ، ولو على بعضه ، إذ لا تتحقّق الظرفية بدونه. ومن الواضح توقّف صدق الاشتمال على اللبس ، فمجرد المصاحبة من دون صدق اللبس المستلزم لنوع من الاشتمال لا يحقق الظرفية بلا إشكال ، فلا يصدق الصلاة في الذهب إلا إذا كان لابساً له.
وأمّا فيما لا يؤكل فإنّما ترفع اليد عن ظهور كلمة « في » الواردة في قوله عليهالسلام في موثقة ابن بكير : « فالصلاة في وبره وشعره وروثه وبوله وألبانه وكلّ شيء منه فاسدة ... » إلخ (٢) في الظرفية ، وتحمل على مطلق المصاحبة لمكان
__________________
(١) في الصفحة الآتية.
(٢) الوسائل ٤ : ٣٤٥ / أبواب لباس المصلي ب ٢ ح ١.