نعم ، قد يتوهّم معارضة الصحيحتين بما رواه ابن إدريس في آخر سرائره نقلاً من رواية جعفر بن محمد بن قولويه عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « سألته عن الرجل يحلّي أهله بالذهب ، قال : نعم النساء والجواري ، فأمّا الغلمان فلا » (١).
وفيه أوّلاً : أنّ الرواية ضعيفة بالإرسال ، لامتناع رواية ابن قولويه عن أبي بصير بلا واسطة كما لا يخفى.
وثانياً : أنّ الغلام يصدق على المميّز في أوان بلوغه ، بل حتى بعد التجاوز عنه بسنين قليلة ما لم يصل إلى حدّ الرجولية. والحاصل أنّه يعمّ الصبي والبالغ ولا يختص بالأوّل ، وموضوع الحكم في الصحيحتين هو الصبي ، فلا تعارض بينهما وبين هذا الخبر ، لإمكان الجمع بعد صناعة الإطلاق والتقييد فيحمل الغلمان في الخبر على غير الصبيان.
وأمّا صلاته في الذهب فالظاهر أيضاً هو الجواز ، سواء قلنا بأنّ عبادات الصبي شرعيّة أم تمرينيّة ، وإن كان الصحيح هو الأوّل ، لقوله عليهالسلام : مروا صبيانكم بالصلاة والصيام (٢) ، حيث إنّ الأمر بالأمر بالشيء أمر بذلك الشيء كما تقرّر في محلّه (٣). فالصلاة الصادرة عن الصبي مأمور بها من قبل الشارع ، لا أنّها مجرّد تمرين محض.
وكيف كان ، فلا دليل على اعتبار المانعية لمثل هذه الصلاة ، إذ ما دلّ على المنع وعمدته موثّقة عمّار المتقدّمة (٤) : « لا يلبس الرجل الذهب ، ولا يصلّي فيه » موضوعه الرجل غير الصادق على الصبي.
__________________
(١) الوسائل ٥ : ١٠٤ / أبواب أحكام الملابس ب ٦٣ ح ٥ ، السرائر ٣ : ٦٣٦.
(٢) الوسائل ٤ : ١٩ / أبواب أعداد الفرائض ب ٣ ح ٥ ، ٧ ، ٨ ، ١٠ : ٢٣٤ / أبواب من يصح منه الصوم ب ٢٩ ح ٣.
(٣) محاضرات في أُصول الفقه ٤ : ٧٤.
(٤) في ص ٣٠٤.