ذات هذه المادة ، الأعم من المصفّى ومن غيره ممّا يسمّى بالقز. وقد نقل عن بعض أهل اللغة أنّ الفرق بين القز والحرير كالفرق بين الحنطة والدقيق ، ولعلّ تخصيص المنع بالحرير من أجل أنّه الغالب في اللباس ، فيفهم أنّ العبرة بنفس المادة على اختلاف هيئاتها من غير دخل للتصفية.
كما أنّ التعبير بالقز في نصوص جواز الحشو من أجل أنّه الغالب في الحشو كما في الصوف والقطن ، فإنّ الذي ينسج ثوباً هو المصفّى ، والذي يجعل حشواً غير المصفّى. فاذا ثبت جواز الحشو بالقز ، ثبت الجواز بالإبريسم أيضاً. ونتيجة ذلك ارتكاب التخصيص في نصوص المنع والالتزام بعدم الجواز إلا حشواً ، فيجوز الحشو مطلقاً ، كما لا يجوز اللبس مطلقاً حتى قبل النسج كما في الملبّد. هذا كلّه بالنظر إلى الروايات.
وأمّا بالنظر إلى ما تقتضيه القاعدة مع الغض عن نصوص المقام فالظاهر أنّ مقتضاها هو الجواز أيضاً ، لا من أجل أنّ النهي عن لبس الحرير يختص بالمنسوج كما احتمله بعضهم لمنافاته لإطلاق اللبس الشامل لغير المنسوج أيضاً كالملبّد ، ولا من أجل اختصاص النهي باللباس غير الصادق قبل النسج فإنّ صحيحة محمد بن عبد الجبّار المتقدّمة (١) الناهية عن الصلاة في الحرير مطلقة من حيث اللباس وغيره ، فإنّ المنهي عنه إنّما هو ظرفية الحرير للمصلّي وإحاطته به ، سواء أصدق عليه اللباس أم لا.
بل من أجل اختصاص المنع بحرير تتم الصلاة فيه ، وعدم شموله لما لا تتم كما سبق (٢). ومن الظاهر أنّ الحرير غير المنسوج مما لا تتم الصلاة فيه ، للزوم كون الساتر الصلاتي ثوباً منسوجاً يخرج به عن كونه عارياً ، ولا يكفي مطلق الستر كيف ما اتفق ولو بظلمة أو الالتفاف بقطن أو صوف ونحوهما مما يمنع عن الرؤية ، فإنّ ذلك وإن كان كافياً في الستر التكليفي عن الناظر المحترم إلا
__________________
(١) في ص ٣٢٧.
(٢) في ص ٣٣١ فما بعدها.