صلاته ، وما بين المشرق والمغرب قبلة » (١) أنّ الوجه في المضي وعدم الإعادة مع الانحراف اليسير ليس هو التعبد المحض والاجتزاء بغير الواجب عن الواجب في مقام الامتثال ، بل لأجل أنّه قد أتى بالواجب على ما هو عليه لمكان الاتساع في أمر القبلة ، وأنّها عبارة عما بين المشرق والمغرب ، فلا مقتضي للإعادة لأنّه صلى إلى القبلة نفسها بعد الاتساع في موضوعها فيكون ذلك شارحاً للمراد من القبلة في الطائفة الثانية الواقعة في كلام الإمام عليهالسلام نفسه في بعض تلك الأخبار كصحيح عبد الرحمن وغيره (٢) وأنّ المراد بقوله عليهالسلام في الصحيح : « إذا صليت وأنت على غير القبلة .. » إلخ هو على غير القبلة المتسعة الشاملة لما بين المشرق والمغرب ، المفسّرة بذلك في تلك الأخبار ، بأن صلى إلى نفس نقطتي الشرق والغرب أو مستدبراً ، فالموضوعان في الطائفتين متباينان ، إذ الأُولى دلّت على نفي الإعادة لأنّه صلّى إلى القبلة والثانية تضمنت وجوب الإعادة لمن صلّى إلى غير القبلة ، فأي تعارض بينهما بعد تعدد الموضوع.
وبالجملة : فالمتحصّل من الطائفتين أنّ من صلى إلى ما بين المشرق والمغرب مخطئاً أو غافلاً على تفصيل مر (٣) فلا مقتضي للإعادة لا في الوقت ولا في خارجه ، لأنّه صلّى إلى القبلة المتسعة نفسها. وأمّا لو صلّى مستدبراً أو إلى نفس النقطتين فتجب عليه الإعادة في الوقت دون خارجه. فالأقوى ما عليه المشهور.
بقي شيء : وهو أن مقتضى النصوص المتقدمة بأجمعها نفي القضاء كما عرفت لكن قد يحكى عن بعض وجوبه استناداً إلى خبر معمر بن يحيى قال : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل صلى على غير القبلة ثم تبينت القبلة وقد
__________________
(١) تقدم ذكره ص ٤٠.
(٢) الوسائل ٤ : ٣١٥ / أبواب القبلة ب ١١ ح ١ ، ٣.
(٣) في ص ٣٩ فما بعد.