وكذا لو تعذّر استقباله كأن يكون عاصياً أو واقعاً في بئرٍ أو نحو ذلك مما لا يمكن استقباله ، فإنّه يذبحه وإن كان إلى غير القبلة (١).
______________________________________________________
(١) بلا خلاف فيه ، لجملة من النصوص التي منها صحيح الحلبي قال « قال أبو عبد الله عليهالسلام : في ثور تعاصى فابتدره قوم بأسيافهم وسمّوا فأتوا علياً عليهالسلام فقال : هذه ذكاة وحيّة ( أي سريعة ) ولحمه حلال » (١).
ورواية زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام قال : « سألته عن بعير تردّى في بئر فذبح من قبل ذنبه ، فقال : لا بأس إذا ذكر اسم الله عليه » (٢) وغيرهما.
فانّ هذه الروايات وإن سيقت لبيان عدم اعتبار وقوع الذبح والنحر في المذبح والمنحر وأنّه يجوز القتل كيف ما اتفق فيما إذا استعصى الحيوان وعرضه الجنون أو وقع في بئر بحيث امتنع ذبحه ونحره من الموضع المعيّن ، لكن يستفاد منها بالالتزام عدم اعتبار الاستقبال أيضاً ، لعدم التمكّن عادة من رعايته في هاتين الحالتين ، فالحكم بالجواز مطلقاً يكشف عن عدم اعتباره أيضاً كما هو ظاهر.
بل يمكن أن يقال : إنّ النصوص السابقة التي أُنيط فيها التحريم بتعمد ترك الاستقبال بنفسها قاصرة الشمول للمقام ، لعدم صدق العمد مع استعصاء الحيوان أو وقوعه في البئر ، إذ التعمد نحو الفعل عبارة عن صدوره عن قصد واختيار ، فلا بدّ وأن يكون كلا الطرفين الفعل والترك مقدوراً للمكلّف كي يصدر أحدهما عن اختياره ، والمفروض عدم التمكّن من استقبال الحيوان عند جنونه أو وقوعه في البئر ، فهو مضطر في ترك الاستقبال ، فلا يصدر ذلك عن الاختيار الذي هو الموضوع للحرمة في الأخبار.
وبالجملة : فالمقتضي للحرمة قاصر في حدّ نفسه ، مضافاً إلى وجود المانع وهي هذه النصوص كما عرفت.
__________________
(١) الوسائل ٢٤ : ١٩ / أبواب الذبائح ب ١٠ ح ١.
(٢) الوسائل ٢٤ : ٢١ / أبواب الذبائح ب ١٠ ح ٦.