وفيه : أنّ النقاب لا يستر تمام الوجه بل بعضه أعني من الذقن إلى ما فوق الأنف فالعينان والحاجبان والجبهة مكشوفة ، ولا يحتمل الفرق في وجوب الستر وعدمه بين بعض الوجه وتمامه فيظهر من ذلك أنّ الأمر بالتنقب ليس لمكان الوجوب الشرعي ، بل هو حكم تأدبي أخلاقي دفعاً للحزازة العرفية حيث إنّ ظهور المرأة وحضورها مكشوفة الوجه في مجلس الرجال لا يخلو عن الاستهجان ، لمنافاته مع العفاف المرغوب فيه ، ولا سيما في المرأة الجليلة الشخيصة ، فانّ ذلك مهانة لها ويمسّ بكرامتها.
والمتحصّل من جميع ما ذكرناه لحدّ الآن : أنّ الوجوه التي استدلّ بها للمشهور لا يتم شيء منها ، فهي ساقطة بأسرها ، للمناقشات التي قدمناها وأكثرها مقتبسة من كلام شيخنا الأنصاري في كتاب النكاح (١) على الاستدلال بكل من الأدلّة الأربعة أو فقل الوجوه التسعة كما عرفت بما لا مزيد عليه.
ثم إنّ شيخنا الأنصاري قدسسره (٢) بعد أن ناقش في أدلّة المشهور بمثل ما مرّ تصدى قدسسره للاستدلال على الجواز بوجوه :
منها : الأخبار الواردة في تفسير الزينة الظاهرة بالوجه والكفّين ، وفيها الصحاح وقد تقدمت (٣).
ومنها : ما ورد من نظر جابر إلى وجه الزهراء ( سلام الله عليها ) وهو أصفر من شدة الجوع ، فدعا رسول الله صلىاللهعليهوآله فصار أحمر (٤).
وفيه : أنّ هذه الروايات بأجمعها ضعيفة السند كما لا يخفى ، بل لا يمكن الاستدلال بها حتى لو صحت أسانيدها ، إذ لا يمكننا التصديق بخروج الزهراء
__________________
(١) كتاب النكاح : ٤٦ فما بعد.
(٢) في كتاب النكاح : ٤٦.
(٣) في ص ٧٠ ٧١.
(٤) الوسائل ٢٠ : ٢١٥ / أبواب مقدمات النكاح وآدابه ب ١٢٠ ح ٣.