( عليهاالسلام ) سافرة الوجه عند جابر ونحوه من الأجانب ، فإنّ مثل هذا لا يكاد يصدر عن امرأة عادية عفيفة فضلاً عن سيدة النساء بضعة سيد الأنبياء مصدر كلّ عفّة وحياء ، وقد ورد أنّ ابنتها زينب وهي الصديقة الصغرى عليهاالسلام لم تكن تخرج إلى قبر رسول الله صلىاللهعليهوآله إلا ليلاً عند ما لم يكن أحد يرى شخصها بل ولا شبحها ، فاذا كانت هذه حالة ابنتها وهي الصديقة الصغرى فما ظنك بها نفسها وهي الصديقة الكبرى.
وبالجملة : لا يسعنا التصديق بخروجها مكشّفة الوجه عند جابر بتاتاً ، ولا نحتمل صدق الحديث بوجه مهما صح السند وقوي المستند ، كيف وقد عرفت ضعف الروايات بأجمعها. فهذا الاستدلال كغيره مما ذكره قدسسره من الروايات الضعاف ساقط ولا يعبأ بشيء منها.
والعمدة فيما استدل به صحيح علي بن سويد المتقدّم سابقاً قال « قلت لأبي الحسن عليهالسلام : إني مبتلى بالنظر إلى المرأة الجميلة فيعجبني النظر إليها ، فقال : يا علي لا بأس إذا عرف الله من نيّتك الصدق ، وإيّاك والزنا ... » إلخ (١) فإنّه كالصريح في جواز النظر إذا كان صادقاً في نيّته ، أي لم يقصد به الشهوة والريبة بحيث يؤدي إلى الزنا. فعلى تقدير تمامية الأدلة السابقة على الحرمة يجمع بينها وبين هذا الصحيح بالحمل على الكراهة ، هذا.
وقد تعرّض في الجواهر (٢) لهذه الصحيحة وحمل الابتلاء فيها على الصدفة والاتفاق من دون تعمد وقصد ، وأنّ نية الصدق المذكورة في الجواب إشارة إلى نفي البأس إذا كان صادقاً فيما يدّعيه من الابتلاء بهذا المعنى.
وأنت خبير ببعد هذا الاحتمال عن سياق الرواية جدّاً ، لمنافاته لقوله : « فيعجبني النظر إليها » الظاهر في تحقق الإعجاب حال النظر غير المنفك حينئذ عن القصد فلا يلائم النظر الاتفاقي عن غير عمد. وحملها على إرادة الإعجاب
__________________
(١) الوسائل ٢٠ : ٣٠٨ / أبواب النكاح المحرم وما يناسبه ب ١ ح ٣.
(٢) الجواهر ٢٩ : ٧٩.