مثل هذا النظر غير الواقع على شخص الأجنبية ، بل على صورتها المنطبعة في المرآة أو غيرها من الأجسام الشفافة ، فلا دليل على حرمة مثل هذا النظر بعد أن كانت الرؤية فيها على سبيل الانطباع دون الانكسار.
لكن الدعوى غير مسموعة ، فإنّها على تقدير تماميتها مما تجهلها عامة الناس ولا يلتفت إليها أكثرهم ، إذ لا يفرّق لدى العرف بين هذا النظر وبين النظر إلى شخص الأجنبية. وحديث الانطباع والانكسار من الأبحاث الدقيقة البعيدة عن أذهان العرف ، فإنهم لا يرتابون في أنّ الناظر إلى عورة الإنسان في المرآة الحاكية لها حكاية تامة ناظر إليها حقيقة ، ولا يرون فرقاً بينه وبين من ينظر إليها مباشرة ومن دون واسطة ، سواء كانت الرؤية بنحو الانطباع أم غيره هذا.
مع أنّه لا يبعد أن يقال : إنّ الصواب انكسار النور من المرآة ووقوع النظر على شخص الأجنبية دون انطباع صورتها فيها ، كما يكشف عنه ما إذا فرضنا مرآة قبال الإنسان على نحو لا تسع أكثر من صورة واحدة ووقف شخص عن يمين الناظر وآخر عن يساره ، فانّ كلا من الشخصين حينئذ يرى صورة الآخر ولا يرى صورة نفسه ، فلو كانت الرؤية على سبيل الانطباع فكيف انطبعت فيها صورتان بل ثلاثة مع أنّها لم تسع لأكثر من صورة واحدة على الفرض. ولا شك في عدم انطباع صورة فوق اخرى ، وإلا لما تمت الحكاية عن شيء منهما مع أنّها تامة عن كل منهما بالوجدان. فيعلم من ذلك بطلان هذا المسلك وأنّ النور ينكسر عن المرآة فيصيب نفس الجسم الخارجي كالأجنبية فلا فرق بين النظر إليه مباشرة أو في المرآة إلاّ من حيث استقامة النور في الأول وانكساره في الثاني. وهناك شواهد ومؤيدات اخرى لا يسعها المقام.
وقد يقال : إنّ الأمر وإن كان كذلك إلا أنّه يستفاد من بعض الأخبار جواز النظر في المرآة ، وهو ما رواه الكليني بسنده عن موسى بن محمد الملقب بالمبرقع أخي أبي الحسن الثالث عليهالسلام : « أنّ يحيى بن أكثم سأله في