الحكم الواقعي وجعله ساكت عن قصده وإرجاع هذا المعنى إلى أمر عملي يتعلّق به دليل وجوب العمل بالأمارة لا يخلو عن إشكال.
وأمّا وجوب التّديّن والالتزام بالأحكام الثّابتة من الشارع فهو حكم أصولي اعتقاديّ يتفرّع على تصديق الرّسول من غير فرق بين الأحكام الواقعيّة والظّاهريّة والإلزاميّة وغيرها ، فلا تعلّق له بمدلول الأمارات وأدلّتها وليس غرضه قدسسره من التّعرض له إلاّ التّنبيه على ما ذكرنا.
كما أنّ غرضه من قوله قدسسره : « كما أنّه لو فرضنا ظنّا معتبرا معلوما بالتّفصيل كظاهر الكتاب ... إلى آخره » (١) بيان عدم منافات الاحتياط لاحتمال الوجوب الواقعي للاستحباب في مرحلة الظّاهر وليس مراده وجوب الاحتياط مع فرض ثبوت الاستحباب في مرحلة الظّاهر. كيف! وهو ممّا لا يقول به جاهل بل لا يتوهّمه.
(٢٤) قوله قدسسره : ( قلت : دفع العسر يمكن بالعمل ببعضها ... إلى آخره ). ( ج ١ / ٥٠١ )
أقول : لا يخفى عليك : أنّ ما أفاده : من إمكان دفع العسر بالعمل بالعمل ببعض الظّنون المخالفة للاحتياط وإن كان في كمال الاستقامة ، إلاّ أنّه مبنيّ على ما عرفت : من كون النّتيجة هو التّبعيض في الاحتياط لا حجيّة الظّن.
والكلام في المقام مبنيّ على تماميّة المقدّمات في إنتاج الحجيّة والإغماض عمّا أفاده قدسسره من الإشكال في ذلك على ما عرفت مفصّلا.
__________________
(١) فرائد الاصول : ج ١ / ٤٩٩.