وأمّا ثانيا ؛ فلمنافاة ما ذكره لما اتّفق عليه الكلّ : من استقلال العقل بعدم حجيّة ما شك في اعتباره وأنّه يجب التّوقف فيه.
وأمّا ثالثا ؛ فلأنّ الّذي يحكم به عقل الجاهل بالمسألة المفروضة ـ سواء احتمل كون تحصيل الظّن واجبا شرطيّا ومعتبرا في الإيمان ، أو واجبا نفسيّا مستقلاّ ـ الرّجوع إلى العالم ، [ وذلك ] ليس إلاّ من حيث كون الشّبهة حكميّة ، واللاّزم على العالم بيان الحكم الإلهيّ الّذي أدّى إليه نظره واستنبطه من الأدلّة.
فإذا فرض أداء نظره إلى عدم حجيّة الظّن وحرمة التّدين به في العقائد مطلقا ؛ حتّى في حقّ الغير المتمكّن من العلم ـ كما هو المفروض ـ فكيف يصير الواجب في حقّه إلزامه بتحصيل ما ليس حجّة في حقّه في نظره؟ فالقياس في غير محلّه فتدبّر.
ولنختم الكلام فيما يتعلّق بالمقام بذكر أمرين :
عدم وجوب معرفة التفاصيل
الأوّل : أنّك قد عرفت في طيّ ما قدّمنا لك : أنّ مقتضى الأخبار المتقدّمة في تفسير الإيمان وتحديد المقدار الواجب منه ، أنّ معرفة التّفاصيل غير واجبة على من يتمكّن منها بحسب تكليف نفسه عينا ؛ من حيث توقّف الإيمان عليها أو وجوبها بالاستقلال.
فهل يجب بالوجوب الكفائي من حيث حفظ نوع ما ورد في الشّرع وثبت