تجويز الجاهل العمل بالظّن وتحصيله؟ فضلا عن أن يجب على العالم إلزامه بتحصيل الظّن.
وما يقال في دفع المناقشة ـ : أنّ وجوب إلزامه بتحصيل الظّن إنّما هو من جهة حكم عقله بلزومه إذا احتمل قيامه مقام الاعتقاد العلمي من باب الإرشاد وإزالة الخوف الحاصل للنّفس من جهة احتمال تعيين الظّن في حقّه ، ولا ينافي ذلك كون حكم الظّن في الواقع وفي نفس الأمر عدم الحجيّة. ألا ترى أنّهم اختلفوا في وجوب تقليد الأعلم والأورع؟ أو جواز البقاء على تقليد الميّت؟ مع اتّفاقهم على وجوب رجوع العامي الجاهل بحكم المسألتين إلى الحيّ الأعلم من جهة حكم عقله بذلك من حيث كونه متيقّن الاعتبار ، وغيره مشكوك الاعتبار. فالحيثيّتان مختلفتان ، فإذا دار أمر الجاهل في المقام بين البقاء على الشّك وتحصيل الظّن ، واحتمل تعيين الثّاني ـ ولو من جهة ذهاب بعض إليه ـ فلا محالة يحكم عقله بلزوم تحصيل الظّن من باب الاحتياط ؛ فيجب على العالم من باب الإرشاد إلزامه بتحصيل الظّن بهذه الملاحظة والحيثيّة ، وإن كان الحكم الإلهيّ الواقعي في الموضوع المذكور هو عدم حجيّة الظّن وحرمة العمل به في نفس الأمر ـ فاسد جدّا.
أمّا أوّلا ؛ فلأنّ حكم العقل المذكور إنّما يتبع احتمال تعيين سلوك الطّريق الظّني إذا لم يحتمل حرمته ، كما في تقليد الحيّ الأعلم ، وإلاّ فأمره دائر بين المحذورين.