العقل لا يحكم إلا بلزوم دفع الضرر
أقول : لا يخفى عليك : أنّ ما أفاده قدسسره مبنيّ على جعل الوجه الثّاني في قبال الوجه الأوّل ؛ بمعنى أنّه على تقدير الإغماض عن كفاية مطلق الظّن في التّرجيح من حيث كونه أقرب إلى الحجيّة يحكم بلزوم التّرجيح به من حيث كونه أقرب إلى إدراك مصلحة الواقع.
وبالجملة : هذه الحيثيّة غير حيثيية مجرّد الأقربيّة إلى الحجيّة وإن كانتا متلازمتين في زعم المستدلّ.
ثمّ إنّ الوجه في عدم إفادته لزوم التّقديم ، بل أولويّته هو ما عرفت الكلام فيه مرارا : من أنّ العقل لا يحكم بلزوم إدراك المصالح الواقعيّة في باب الإطاعة ، وأنّ العنوان الملزم عنده لإطاعة مطلق أوامر الموالي على العبيد دفع الضّرر والعقوبة والمؤاخذة وإن حكم بإدراكها على وجه الرّجحان والأولويّة ؛ نظرا إلى إيجابه تكميل النّفس الموجب للوصول إلى الدّرجات العالية والتّهيّؤ للإفاضات القدسيّة.
وأمّا الوجه في مشابهته للتّرجيح بالقوّة والضّعف بعد الإغماض عمّا ذكره أوّلا ، فهو ظاهر ؛ حيث إنّ مناطه على الأقربيّة بملاحظة الاعتبارين ، فلا بدّ أن يلاحظ مرتبة ما ظنّ اعتباره مع مرتبة ما شك في اعتباره مثلا ، فربّما يكون الظّن
__________________
على تقدير المخالفة كافيا فإحراز نفسها أولى ». حاشية رحمة الله على الفرائد المحشىّ : ١٤٢