البحث عن حكم الشك في المقام أصولي أم لا؟
الثاني (١) : أن البحث عن حكم الشك في المقام هل هو بحث عن المسألة الأصوليّة أو الفقهيّة أو المباديء الأحكامية؟ وجوه ، لكلّ وجه ، أوجهها عند شيخنا قدسسره : الأوّل ؛ نظرا إلى أنه الأوفق بتعريف الأصول : بأنه العلم بالقواعد الممهّدة لاستنباط الأحكام الشرعيّة ، وإلى أنه لا حظّ للعامي فيه ، وهذا من خواصّ المسألة الأصوليّة ؛ فإنّها لمّا مهدت للاستنباط لم يكن حظّ لغير المستنبط فيها ، وإلى عنوانه في علم الأصول وذكره في عداد الأدلّة العقليّة ، فلا فرق فيما ذكر بين الاستناد في البراءة أو الاحتياط إلى حكم العقل بهما أو إلى النقل.
وربّما يرجّح الثاني ؛ نظرا إلى أن التكلّم في هذه المسألة نظير التكلّم في سائر القواعد الفقهيّة المستفادة من الأدلّة كقاعدة نفي الجرح ، والضّرر ، والتسلّط ، واليد ، وأشباهها ، وإن استفيدت من الأدلّة بإعمال المسائل الأصوليّة كما هو الشأن في استنباط جميع المسائل الفرعيّة ، هذا كله بناء على كونها قاعدة ظاهريّة سواء كان مدركها العقل أو النقل.
أمّا بناء على كون اعتبارها من باب الظن ، فالتكلّم فيها نظير التكلّم في الاستصحاب من باب الظّن وسيجيء شرح القول فيه في الجزء الثالث من
__________________
(١) أي : الأمر الثاني من الأمور التي أراد التنبيه عليها.