العقل في جميع موارد حكمه كاشفا عن حكم الشارع على طبقه.
ومن هنا وقع الخلاف في كون الحكم الإنشائي للعقل كاشفا عن حكم الشارع كما ذكر في محلّه. ولم يخالف أحد حتّى الأشاعرة في إدراك العقل لحكم الشارع في كثير من الموارد ، كما في المفاهيم والاستلزامات العقليّة كوجوب المقدّمة وحرمة الضّد ونحوهما.
وبالجملة : لا إشكال في فساد التّوهّم المذكور ، كما لا إشكال في فساد توهّم : كون حكم الشارع بحجيّة الظّن على الكشف ملازم لحكم العقل بها من جهة عكس قاعدة التّلازم فيتّحد التّقريران أيضا ؛ ضرورة أنّ محلّه في غير الإدراكات العقليّة فإنّ حكم العقل بمعنى تصديقه للشّارع لا يعقل استكشافه عن حكم الشارع بعد فرض كون المدرك له ابتداء العقل كما هو ظاهر فافهم.
مناقشة ما أفاده المصنّف في التقريرين
ثمّ إنّ قبح عقاب الشارع عند مخالفة الظّن للواقع في حكم العقل كحسن عقابه على مخالفة الواقع عند مصادفته له في حكم العقل مشترك بين التّقريرين ؛ فإنّهما من اللّوازم العقليّة لحجّيّة الظّنّ من غير فرق بين الإدراك والإنشاء. وبمثل ما ذكرنا ينبغي تحرير المراد من التّقريرين وبيان الفرق بينهما ، لا بما أفاده قدسسره في « الكتاب » ؛ فإنّه من جهة خفاء دلالته على المراد ربّما يرد عليه بعض المناقشات ؛ فإنّ المراد من قوله في بيان تقرير الكشف : « وأنّه لا يعاقب على ترك واجب إذا ظنّ بعدم وجوبه » (١) بيان له بذكر اللاّزم العقلي الأعمّ حقيقة على ما عرفته ، فربما
__________________
(١) فرائد الاصول : ج ١ / ٤٦٥ وفيه : وانه لا يعاقبنا ... إلى آخره.