فقد ظهر ممّا ذكرنا : دفع التّوهم على كلّ من تقدير دلالة الظّن على وجوب تحصيل المعرفة أو الاعتقاد هذا.
وقد يتوهّم في الدّفع عن التّوهم المذكور جواب آخر ، وهو : أنّه إذا فرض الشّك في مدخليّة شيء للإيمان فيحكم العقل بوجوب تحصيله دفعا للخوف واحتمال الضّرر في تركه ولا يجري في المقام قاعدة قبح العقاب من غير بيان حتّى يوجب الأمن من الضّرر ، لكونه من قبيل النّظر في المعجزة وهذا حال الشّك فيه ويثبت منه حكم وجوب العمل بالظّن بالأولويّة القطعيّة ؛ ضرورة كون الظّن بذلك أولى بالحكم من الشّك فيه هذا.
جواب آخر في دفع التوهّم المذكور والمناقشة فيه
ولكنّك خبير بأنّه توهّم فاسد ؛
أمّا أوّلا ؛ فلأنّ قياس المقام بمسألة النّظر في المعجزة قياس مع الفارق لا دخل له بها أصلا ؛ لأنّ العلم بوجوب النّظر في المعجزة لا يمكن أن يحصل بدونها بمقتضى جريان العادة من الله تعالى وهذا بخلاف المقام لإمكان العلم بوجوب تحصيل العلم والاعتقاد مع عدم حصولهما أصلا فيرجع إلى البراءة فيه بعد الفحص التّام من الدّليل الدّال عليه واليأس عنه كما في غيره ممّا يرجع فيه إلى البراءة بعد الفحص من الشّبهات الحكميّة.