وقد يدفع المناقشة : بأنّ الغرض من الإجماع في كلامه ليس الإجماع الاصطلاحي بل معناه اللّغوي وهو الاتفاق ، فيكون المراد اتّفاق العقلاء لا خصوص المتشرّعة. بل يمكن أن يقال : إنّه ليس في مقام الاستدلال بل غرضه كون التّعميم أمرا مسلّما فتأمل.
ثمّ المراد ليس الاطلاع الحسّي على حصول الاتّفاق حتّى يتوجّه عليه : بأنّ المسألة من المستحدثات. كيف! وأكثرهم ذهبوا إلى حجيّة الظّنون الخاصّة في الأحكام ، بل المراد الحدس بأنّ المسألة كذلك عندهم قطعا على تقدير ذهابهم إلى حجيّة الظّن المطلق وإجرائهم له في كلّ مسألة ، فتأمل.
بطلان إجراء دليل الإنسداد في كل مسألة
ثمّ إنّ لازم إجراء الدّليل في كلّ مسألة وإن كان ما ذكر ، إلاّ أنّه لا ريب في بطلانه ؛ فإنّ اعتبار الأصول ـ حسبما عرفت وتعرفه ـ ليس مشروطا بحصول الظّن منها ، أو قيام الظن الغير المعتبر على خلافها من غير فرق بين الخبر وغيره ، كما أنّه لا إشكال في وجوب الاحتياط في مفروض البحث بالنّظر إلى قاعدة وجوب دفع الضّرر المحتمل الّتي هي مبنى وجوب الاحتياط في جميع موارد وجوبه فيجب البناء عليه لو لا ما عرفت ممّا أقاموه على عدم وجوبه في خصوص المقام.
والقول : بأنّ المفروض ملاحظة كلّ مسألة مستقلّة من دون أن يلاحظ انضمامها بغيرها من المسائل فلا مقتضي لوجوب الاحتياط على هذه الملاحظة ؛ فإنّ العلم الإجمالي بالتّكاليف الإلزاميّة إنّما هو في مجموع الوقائع لا في كلّ واقعة.