الجواب الثالث عن التناقض
الثالث : ما عرفت الإشارة إليه في طي الإشكال : من أن الحكم الواقعي لم يتعلّق بالموضوع النّفس الأمري بملاحظة عمومه وشموله لحالتي العلم بالحكم والجهل به. كيف! وهما متأخّران من مرتبة الجعل ، ولذا لا يمكن اعتبارهما فيه ، فلا يمكن ملاحظة العموم والإطلاق بالنّسبة إليهما ، بل إنّما هو متعلّق به بالحيثيّة التجريديّة عن جميع الاعتبارات والملاحظات المتأخّرة عن جعله حتى ملاحظة العموم والإطلاق ، فلا يصحّ أن يقال : إنه يعرض الموضوع بعنوان لا بشرط ، والحكم الظاهري يعرضه بعنوان بشرط شيء فيجتمعان عند الجهل ، فإن كانا متوافقين فيؤكّد الحكم الواقعي بالحكم الظاهري ، وإن كانا متخالفين فيؤول إلى اجتماع الضدّين كما هو مبنى الإشكال.
فالموجود وإن كان حكمين في صورة الجهل ، إلاّ أن كل حكم موجود في موضوعه ، وليس موضوع الحكم الظاهري من جزئيّات موضوع الحكم الواقعي وأفراده حتى يتصادقا ؛ لما عرفت : من استحالة ذلك.
غاية ما هناك : تحقّق الحكم الظاهري في مورد وجود الحكم الواقعي في موضوعه ، فيؤول إلى الاجتماع الموردي المجوّز بالإتّفاق لا المصداق الممنوع عند المحقّقين ، هذه غاية ما يقال في تقريب هذا الوجه.