في امكان المناقشة في الوجوه المذكورة
ولكن يمكن المناقشة فيما أفاده ؛ أمّا في الوجه الأوّل الرّاجع إلى عدم التّفكيك بين الاجتهادين : فبأنّ علم الأصول والفروع متغايران لا دخل لأحدهما بالآخر ، ومجرّد كون مدرك تفاصيل المعارف الكتاب والسّنة لا يوجب كون القادر على تحصيلها منهما من جهة كثرة مزاولته بالمسائل الأصوليّة قادرا على الاجتهاد في الفروع. كيف! واستنباط الفروع منهما يحتاج ـ مضافا إلى معرفة الألفاظ وأحكام التّعارض ـ إلى ممارسة تامّة والأنس بالفروع والاطّلاع على الفتاوى وغير ذلك؟
هذا على القول بعدم إمكان التّجزي في الفروع ، وإلاّ فالأمر أوضح ؛ فإنّه إذا أمكن التّجزي في الفروع كان التّجزي بين العلمين أولى بالإمكان كما هو واضح.
وأمّا في الوجه الثّاني : فبأنّ منع حصول المعرفة من الدّليل النّقلي ولو بواسطة العقل على سبيل الكليّة خلاف الإنصاف بل خلاف الفرض.
وأمّا في الوجه الثّالث : فبأنّ الكفاية وإن لم يحصل بمجتهد واحد في الفروع لمسيس الحاجة إلى أزيد منه على القول بعدم جواز قضاء المقلّد كما هو المشهور حتّى في الشّبهات الموضوعيّة ، إلاّ أنّ كلّ من يقدر على تحصيل تفاصيل المعارف ليس ممّن يقوم به الكفاية يقينا فتأمّل.