وأمّا ما أفاده أخيرا في منع حصول المعرفة مع استناد العمل إلى التّقليد ، فيتوجّه عليه : أنّ الإفاضة الإلهيّة الرّبانيّة عامّة شاملة كلّ محل قابل لها ولا دخل للاجتهاد في الفروع في قابليّة المحلّ لها ، كما أنّه لا يمنع عنها التّقليد والّذي له دخل تامّ فيها تهذيب النّفس من الأخلاق الرّديّة والخلوص في النيّة والعمل من غير فرق بين كون طريق العمل الاجتهاد أو التّقليد ، بل ربّما يكون اطمئنان المقلّد بصحّة عمله أقوى من اطمئنان المجتهد بها هذا.
ويستفاد ممّا أفاده قدسسره بعد الفراغ عن نقل الأخبار المفسّرة للإيمان وبيان ما يستفاد منها : الاستدلال لوجوب المعرفة بالوجوب النّفسي المستقلّ بالنّسبة إلى مراتب النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمّة سلام الله عليهم أجمعين مضافا إلى الكتاب والسّنة بحكم العقل بذلك فإنّه قال فيما سيأتي من كلامه :
« نعم ، يمكن أن يقال : إنّ معرفة ما عدا النّبوّة واجبة بالاستقلال على من هو متمكّن منه بحسب الاستعداد وعدم الموانع لما ذكرنا من عمومات وجوب التّفقّه وكون المعرفة أفضل من الصّلاة الواجبة وأنّ الجهل بمراتب سفراء الله جلّ ذكره مع تيسّر العلم بها تقصير في حقّهم وتفريط في حبّهم ونقص يحكم العقل برفعه بل من أعظم النّقائص » (١) انتهى كلامه رفع في الخلد مقامه.
ويمكن المناقشة فيه أيضا : بأنّه لا شبهة في أنّ الإحاطة بمراتبهم وحدودهم
__________________
(١) فرائد الاصول : ج ١ / ٥٦٦ وفيه : وتفريط في حبّهم ونقص يجب بحكم العقل رفعه.