نعم ، القول بالإباحة بمعنى الجواز والترخيص المطلق ، ومجرّد عدم الحرج في الفعل والترك في مورد عدم ثبوت المنع من الشارع لا غبار فيه أصلا ؛ فإنه لازم التمسّك للبراءة فيما لا نصّ فيه.
وإذ قد عرفت : أن القائلين بالحظر مختلفون بالنّظر إلى ظواهر أدلّتهم من حيث القول بالحظر الواقعي والظاهري ، فيستدلّ للقول بوجوب الاحتياط في محل البحث : بأنه إذا احتمل الحرمة في الفعل احتمل المفسدة والضّرر فيه ، والعقل من جهة حكمه بوجوب دفع الضرر المحتمل يحكم بوجوب ترك الفعل ، وهذا معنى حكمه بوجوب الاحتياط.
في الجواب عن التمسّك بأن الأصل في الأفعال غير الضّروريّة ، الحظر
وملخّص الجواب عنه ـ بعد النّقض بالشبهة الوجوبيّة مطلقا من حيث إنه يحتمل الضّرر في تركها ، كما يحتمل الضّرر في الفعل في الفرض والشبهة التحريميّة الموضوعية ـ :
أن ما دلّ على البراءة عقلا ونقلا مما عرفت الإشارة إليه وارد على الأصل المذكور سواء أريد من الضّرر العقاب ، أو المفاسد الدنيوية الكامنة في الأفعال الغير المتوقّفة على البيان على تقدير تسليم حكم العقل بوجوب دفع الضّرر المحتمل الدنيوي بجميع مراتبه ولو كان موهوما ؛ ضرورة كون حكم العقل بدفع الضّرر إنّما هو في الضّرر الغير المتدارك ، كما هو الشأن في حكمه بدفع الضّرر