حكومة الدليل الظنّي على الأصل
ثالثها : ما جزم به قدسسره في « الكتاب » في هذا المقام بقوله : « ولكنّ التحقيق : أن دليل تلك الأمارة ... الى آخره » (١) وفي غيره من حكومة الدليل الظنّي بالنظر إلى دليل حجّيّته على الأصل الشرعي ؛ حيث إنه بمدلوله ناظر إلى دليل الأصل وشارح ومفسّر له ومبيّن لمقدار مدلوله ، فهو مقدّم عليه بالتقدّم الذاتي لا لمكان الترجيح والتخصيص فلا معارضة بينهما حقيقة أصلا.
توضيح ذلك : أن معنى حجيّة الخبر مثلا ووجوب البناء على صدقه وترتيب آثار الواقع عليه هو عدم الاعتناء باحتمال كذبه في إخباره الذي يراعى شرعا لو لا الحكم بحجيّته. ومن المعلوم أنّ نفي الاعتناء بالاحتمال المذكور شرعا راجع إلى إلقاء ما يقابل عند احتمال كذبه من الرجوع إلى الأصل بحكم الشارع وبعد إلقاء الوسائط يكون معنى حكم الشارع بحجّية الخبر في معنى رفع اليد عن الأصل ، وهذا معنى كونه شارحا له وناظرا إليه وهو ما ذكرنا من الحكومة. ومنه يظهر : فساد القول بالتعارض والترجيح والتخصيص في المقام.
ثمّ إن هذا الذي ذكرنا من حكومة الدليل الظّنيّ على الأصل الشرعي إنّما هو في الأصل الأعمّ. وأما إذا فرض هناك أصل أخصّ من دليل اعتبار الأمارة
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ٢ / ١٣.