لأنّا نقول : الحقّ وإن كان ما ذكر من الاختصاص ، إلاّ أنّه ليس بمكان من الوضوح بحيث لا يحتاج إلى التّعرّض ، بل مع التّعرض مرارا والتّأكيد فيه لا نرجو وضوح الأمر على أهل العصر ، فضلا عمّا إذا أهمل ذكره.
نعم ، ربّما ينافي ما ذكرنا قوله قدسسره في مقام الاستدراك : ( إلاّ أن يدّعى أنّ القدر المتيقّن في الفروع [ هو ] متيقّن في المسائل الأصوليّة أيضا ) (١) ، فإنّه لا بدّ أن يحمل على إجراء دليل الانسداد في الأصول أيضا.
اللهمّ إلا أن يقال : إنّه لا حاجة إلى الحمل المذكور ، بل نحمل على المعنى المذكور للقضيّة المنفيّة ، فيستدرك وجود النّفع له بالنّظر إلى وجه آخر يكون في المسألة وقد ذهب إليه جمع ممّن تعرّضنا لمقالتهم فيما سبق ، بل أتوا بأمر أعجب من ذلك ؛ فإنّهم التزموا بحجيّة مطلق الظّن في تعيين المهملة من جهة دليل الانسداد الجاري في الفروع مع ذهابهم إلى إهمال النّتيجة في الفروع.
في تطبيق عبارات المصنّف على التّحرير المختار
ويشهد لما ذكرنا من البيان ذكره قدسسره الوجهين في المسألة بقوله : « وهل يلحق به كلّ ما قام المتيقّن على اعتباره وجهان : أقواهما : العدم كما تقدّم ... إلى آخره » (٢).
ومنه يظهر : أنّ ما أفاده بقوله : « وأمّا بالإضافة إلى ما قام على اعتباره إذا
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ١ / ٤٨٩.
(٢) فرائد الاصول : ج ١ / ٤٩١.