وأمّا ما ترى في كلماتهم : من التمسّك بالظّن في الأصول فليس من باب الاعتماد والاستدلال به مستقلاّ ، بل إمّا من باب التّأييد ، وإمّا من باب التّعاضد الموجب للعلم ؛ حيث إنّ توارد الظّنون وتراكمها قد يوجب العلم كما لا يخفى.
ولا فرق فيما ذكرنا من عدم حجيّة الظّنّ بين الظّن الخبري وغيره حتّى ظواهر الكتاب والسّنة المتواترة.
وما يتوهّم من الفرق بينهما بل توهّم : من حيث إنّ مبنى حجيّة الخبر وأمثاله على تعبّد الشّارع أوّلا وبالذّات ومبنى حجيّة الظّواهر على بناء العرف وأهل اللّسان والعقلاء وإن كان اعتباره في الشّرعيّات باعتبار كشفه عن تقرير الشارع ، أو إمضائه له ؛ من جهة ما دلّ عليه من الآيات والأخبار ولا فرق في بنائهم بين التّدين بمقتضى الظّواهر وسائر الآثار المترتّبة على المظنون.
فاسد جدّا ؛ لأنّ بنائهم إنّما يسلّم فيما لم يعلم كون الأثر من آثار العلم وإلا فلا معنى لبنائهم على عدم الفرق.
تأسيس الأصل لتمييز القسمين
ثمّ إنّ هذا الّذي ذكرنا في حكم القسمين ممّا لا ينبغي الإشكال فيه ، إنّما الإشكال في تميز أحدهما عن الآخر وبالحريّ قبل الخوض في بيان ما يصلح أن يكون مميّزا أن نذكر ما هو قضيّة الأصل الأوّلي عند الدّوران بين القسمين حتّى