فقد يناقش فيه بما عرفت شرح القول فيه مرارا : من أنّ مبنى جريان دليل الانسداد على تقريري الكشف والحكومة على بطلان الرّجوع إلى الأصول في مجاريها جوازا في بعض ووجوبا في بعض آخر ، ولولاه لما تمّ الدّليل المذكور ، وإنّما يرجع إليها في موارد الشّك إذا خلت عن الأمارات القائمة على خلاف الأصول ، فإذن لا معنى للزوم الأخذ بمقتضى الاشتغال في المسألة الفرعيّة إذا قامت الأمارة على تعيين المكلّف به. نعم ، يجب الأخذ بمقتضاه إذا لم يقم هناك أمارة أصلا.
اشكال على القول بحجّيّة مطلق الظّنّ مطلقا
نعم ، هنا إشكال على القائلين بحجيّة مطلق الظّن من غير فرق بين التّقريرين قد عرفت الإشارة إليه في طيّ ما قدّمنا لك وهو : أنّ قضيّة ما أقاموه لإثبات حجيّة الظّن المطلق ووجوب الامتثال الظّني للواجبات والمحرّمات المشتبهة هو العمل بالظّن المتعلّق بالتّكليف الإلزامي. وأمّا الظّن القائم على غيره من الأحكام ، فلا مقتضي لحجيّته فيبقى تحت الأصل الأولي ، فيجب الرّجوع إلى الأصل المثبت للتّكليف مطلقا من غير فرق بين أصالة الاشتغال وغيرها إذا قام
__________________
أنّها لا تفيد التعميم بالمعنى المقصود وهو أن الشارع أوجب علينا العمل بكل ظنّ على أن يكون الحكم الواقعي في واقعة العمل بكل ظنّ هو الوجوب ، وقاعدة الإشتغال غير متكفّلة لبيان ذلك ، بل لبيان طريق تحصيل البراءة اليقينيّة عمّا اشتغلت الذمّة به من العمل بالجملة المعيّنة من الظنون عند الشارع المبهمة عندنا ».
أنظر تعليقة على معالم الأصول : ج ٥ / ٣٥٧ ـ ٣٥٩.