يترتّب على مجرّد الحكم بالبراءة بإتيان الأقلّ ، فكلّ عنوان شك في حصوله من جهة الشّك في مدخليّة شيء فيه لم يحكم بحصوله مع الشّك بل يحكم بعدمه معه ، ولا معنى للحكم بعدم الشّرطيّة من جهة أصالة العدم حتّى يرتفع الشّك من وجود المشروط من جهة كونه مسبّبا عنه ؛ نظرا إلى عدم الحالة السّابقة لها إلاّ قبل جعل الماهيّة وإن صحّ البناء على عدم كون تركه سببا للعقاب على ترك المشروط المسبّب عنه ، اللهمّ إلاّ أن يريد بالأصل المذكور ما ذكرنا : من الرّجوع إلى البراءة ، لكنّه ليس مراد المتمسّك به في المقام يقينا.
وهذا الّذي ذكرنا كلّه مع كونه أمرا واضحا منتهى الوضوح سنوضّح القول فيه في الجزء الثّاني من التّعليقة عند التّكلّم في مسألة « الأقلّ والأكثر » من صور الشّك في المكلّف به. هذا بعض الكلام فيما يقتضيه الأصل الأوّلي عند الدّوران بين القسمين.
ما يوجب الخروج عن الأصل المذكور
وأمّا الكلام في المخرج عنه فقد يقع في وجوب المعرفة مستقلاّ وقد يقع في وجوبها شرطا للإسلام والإيمان ، فنقول : إنّ المخرج عنه إن كان دليلا قطعيّا فلا إشكال في اعتباره في مقام الخروج عن مقتضى الأصل الأوّلي مطلقا لارتفاع موضوعه بعد قيام الدّليل القطعي في المسألة ، وأمّا لو كان المخرج ظنيّا فهل يكون حجّة في مقام تميز أحد القسمين عن الآخر وواردا على الأصل الأوّلي المذكور