عرفت سابقا : أنّ التّدين في الأصول من آثار الاعتقاد الجزمي بالواقع لا من آثار نفس الواقع من حيث هو.
نعم ، لو كان هناك أثر فرعيّ متفرّع على الواقع من حيث هو غير وجوب التّدين المترتّب على الاعتقاد ، لم يكن إشكال عندنا في ترتّبه على الظّن الثّابت حجيّته ، فلو دلّ خبر على كفر المجسّمة حكم بنجاستهم وترتيب سائر الأحكام الفرعيّة المترتّبة على الكفر وإن لم يحكم بوجوب التّدين بمقتضاه وكون التّجسم مثلا من أسباب الكفر ، بل لا فرق فيما ذكرنا من حجيّة الظّن بالنّسبة إلى تلك الآثار بين كون حجيّته من حيث الخصوص ، أو من أجل دليل الانسداد ؛ نظرا إلى ما عرفت تحقيقه سابقا من عدم الفرق بين أسباب الظّن في المسألة الفرعيّة فراجع.
فلو دلّ خبر واحد مثلا على أفضليّة بعض الأنبياء أو الأوصياء على بعض ، أو تفويض الأحكام إلى نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم كما في جملة من الأخبار (١) فلا يحكم بوجوب التّديّن بمقتضاه ولكن لو ترتّب عليه حكم فرعيّ عمليّ فرضا غير وجوب التّديّن يحكم بوجوب ترتّبه عليه ولا يلزم التّفكيك بين دلالتي المطابقة والالتزام من حيث الوجود وإن التزم من حيث الاعتبار ولا ضير فيه أصلا إذا ساعده الدّليل كما برهن عليه في محلّه هذا.
__________________
(١) بصائر الدرجات الكبرى : ٣٩٨ باب « التفويض الى رسول الله ٦ » ، والكافي الشريف :ج ١ / ٢٦٥ باب « التفويض الى رسول الله ٦ ».