نقول : إنّه لا دليل على تعيّن الاجتهاد في الأصول في حقّ من يقدر على الاجتهاد فيهما على ما هو المفروض ؛ فإنّ الاجتهاد في الفروع وإن كان له بدل بالنّسبة إلى العمل حسبما ذكره المتوهّم ، إلاّ أنّه لا بدل له بالنّسبة إلى الإفتاء والحكم وسائر ما يحتاج إليه النّاس من تصرّفات المجتهد.
والقول : بأنّه يكفي وجود جمع من المجتهدين لرفع جميع الحوائج لجميع من في البلاد والقرى ، شطط من الكلام ؛ لأنّ أهل كلّ بلدة يحتاجون إلى جمع من المجتهدين. وأكثر القرى يحتاج إلى مجتهد هذا كلّه ، إذا لم نقل بوجوب الاجتهاد عينا على من يجد في نفسه القوّة القريبة ، وإلاّ كما اختاره شيخنا قدسسره ؛ نظرا إلى توقّف بقاء هذا النّوع الّذي يرفع به حوائج النّاس على اشتغال هذا النّوع دائما في كلّ زمان وعصر ، بل وأدون منه ، فالأمر أوضح ؛ لأنّه يجب على القادرين الاشتغال بالتّحصيل عينا لئلاّ يخلو الزّمان من المجتهدين ممّن به الكفاية في زمان فوت الموجودين.
نعم ، لو فرض حصول القطع لشخص بوجود من به الكفاية في كلّ زمان بحيث لا يحتاج إليه أصلا حكم بوجوب تحصيل تفاصيل المعارف الحقّة في حقّه على ما ذكره المتوهّم ، لكن هذا مجرّد فرض غير واقع سيّما في أمثال زماننا هذا كلّه.
مضافا إلى أنّ العمل المبتني على التّقليد وعدم المعرفة بالأحكام الإلهيّة ربّما يمنع من حصول المعارف الحقّة كما أشار إليه قدسسره في « الكتاب » هذا.