إمّا بالنّقل محضا ، وإمّا بالنّقل بضميمة العقل. ومعلوم أنّ الشّخص إن قدر على تحصيل الحكم من الدّليل النّقلي فلا معنى للفرق بين الحكمين فهو قادر على تحصيل الحكم الفرعي أيضا ، وإن لم يقدر عليه فلا فرق بينهما أيضا ؛ فإنّ فهم الحكم من الآيات والأخبار ودفع معارضاتها بالتّرجيح أو بغيره مشترك بين الحكمين ، بل ربّما كان استفادة الحكم الأصولي محتاجة إلى مزيد قوّة لئلاّ يأخذ بالنّقل المخالف لحكم العقل.
فالقول : بأنّه لا يجوز الاشتغال بتحصيل ملكة الاستنباط في الفروع إلاّ بعد الاجتهاد في تفاصيل المعارف فاسد جدّا ؛ لعدم تعقّل الانفكاك. وهذا معنى قوله في « الكتاب » : « ومثل هذا الشّخص مجتهد في الفروع قطعا » (١).
ثانيها : تسليم الانفكاك لكن نقول : إنّ في زماننا وأشباهه لا يمكن تحصيل تفاصيل المعارف ؛ لأنّ الآيات والأخبار الواردة فيها الّتي يمكن استفادتها منها ظنيّة أو متعارضة ، فلا يجوز التّعويل عليها بناء على ما عرفت تفصيل القول فيه من عدم اعتبار الظّن مطلقا في العقائد.
ثالثها : أنّه على تقدير إمكان الانفكاك إمّا مطلقا أو فيما كان الدّال على الحكم الأصولي المفصّل العقل فقط ، وإمكان تحصيل العلم من الآيات والأخبار ، أو نقول بحجيّة الظّن الحاصل منها بالنّسبة إلى الأصول كالفروع على ما زعم ،
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ١ / ٥٦٠.