فإن شئت قلت : الرّجوع إلى البراءة في مسألة النّظر في المعجزة يوجب إقحام الأنبياء فلا معنى لجوازه وهذا بخلاف المقام فلا يقاس أحدهما بالآخر.
وبعبارة أخرى : الرّجوع إلى البراءة في كلّ حكم إلهي يتوقّف على الفحص عنه بالإجماع والعقل ، بل بالأدلّة الأربعة حيث إنّ وجوب المسألة على الجاهل بالحكم الثّابت بالكتاب والسّنة قاض بوجوب الفحص عليه كما هو ظاهر ، وفي مسألة النّظر لا يحصل الفحص إلاّ بالنّظر فيجب وبعده يرتفع الشّك المقتضي للرّجوع إلى البراءة وهذا بخلاف المقام فلا يجوز القياس.
وأمّا ثانيا : فلأنّه على تقدير تسليم كون المقام من قبيل المسألة المذكورة لا دخل له بمسألة حجيّة الظّن ؛ لأنّ حكم العقل على تقدير تسليمه حسبما قرّره في التّوهّم مبنيّ على مجرّد الاحتمال من غير مدخليّة للظّن من حيث هو ظنّ أصلا.
ثمّ إنّ ما ذكرناه وإن كان متعيّنا على تقدير قيام دليل على وجوب تحصيل المعرفة ولو عموما بأيّ المعنيين والوجهين ، إلاّ أنّ الظّاهر عدم قيام دليل كذلك على وجوب تحصيل المعرفة بمعنى اشتراطه في الإيمان بل مقتضى الأخبار المستفيضة إن لم تكن متواترة خلافه كما ستعرف ممّا أفاده قدسسره هذا كلّه ممّا لا إشكال فيه.
وإنّما الإشكال فيما استدلّ به قدسسره لعموم وجوب المعرفة نفسا من غير أن يكون شرطا للإيمان فلا بدّ من صرف الكلام إليه فنقول :