إنّ الاستدلال بما ذكره على وجوب معرفة تفاصيل العقائد نفسا وإن كان من الأدلّة الظّنيّة باعتبار الصّدور أو الدّلالة وإن كان مستقيما على تقدير تسليم دلالته ؛ نظرا إلى كون المسألة من الفروع حقيقة على ما عرفت من مطاوي كلماتنا فلا تغتر بما قيل : من أنّ الاستدلال به تعلّق بالظّن في المسألة الأصوليّة الاعتقادية فلا يجوز كما اعترف به المصنف ، إلاّ أنّ الكلام في دلالته على المدّعى ؛ فإنّ الآية الشّريفة وهو قوله تعالى : ( وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ ) (١) الآية على تقدير دلالتها على وجوب المعرفة والإغماض عمّا يقال : من كونها غاية لفعل الله تعالى شأنه ، فيترتّب عليه قهرا من حيث كونها فطريّا إلهاميّا إلهيّا ولو في الجملة ، لا عموم لها بالنّسبة إلى جميع مراتب معرفة الله تعالى ممّا يمكن تحصيله للبشر ، لم لا يكون المراد المعرفة في الجملة الّتي هي شرط للإيمان ومعتبرة فيه يقينا؟ هذا كلّه.
مضافا إلى أنّ دلالتها على وجوب جميع مراتب معرفة الله تعالى الممكنة للعباد لا يثبت المدّعى وهو وجوب معرفة جميع تفاصيل المعارف الحقّة والقول برجوعها إلى معرفة الله تعالى كما ترى. اللهم إلاّ أن يتمسّك للتعميم بعدم القول بالفصل فتأمّل. هذا بالنّسبة إلى الآية الشّريفة.
وأمّا قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم « لا أعلم بعد المعرفة شيئا ... » (٢) الحديث ففيه ـ بعد الغضّ
__________________
(١) الذاريات : ٥٦.
(٢) الكافي الشريف : ج ٣ / ٢٦٤ باب « فضل الصلاة » ـ ح ١ ، ووسائل الشيعة : ج ١ / ٢٧