عمّا يقال : من أنّ الأفضليّة بمعنى الأكثرية أجرا وثوابا لا يلازم الوجوب ، ومن هنا كان السّلام أفضل من الجواب مع كون التحيّة مستحبّة والرّد واجبا ـ : منع دلالته على العموم ؛ إذ الظّاهر منه معرفة الله تعالى المعهودة الواجبة على كلّ أحد من حيث كونها شرطا للإيمان فيحمل على المعرفة الإجماليّة هذا.
مضافا إلى ما عرفت : من أنّ دلالته على وجوب تحصيل التّفاصيل بالنّسبة إلى معرفة الله تعالى لا يثبت الكليّة.
وأمّا آية الإنذار والتّفقّه في الدّين وما يساوقها فلا دلالة لها على المدّعى أصلا ؛ فإنّ حملها على الوجوب العيني كما هو المدّعى مضافا إلى منافاته لظاهرها بل صريحها خلاف ما اتّفق عليه الكلّ من الاستدلال بها على الوجوب الكفائي.
هذا مضافا إلى أنّ شمول آيات التّفقه وأخباره للفروع مسلّم مفروغ عنه ولم يقل أحد بوجوب المعرفة العينيّة على كلّ مكلّف بالنّسبة إلى الفروع. اللهمّ إلاّ على تقدير حمل التّفقّه على ما يشمل التّقليد وهو خلاف المدّعى كما لا يخفى.
وأمّا ما دلّ من الآيات والأخبار على طلب العلم أو كونه فريضة على كلّ مكلّف فلا بدّ من أن يحمل على الوجوب الكفائي ، أو المهملة ، أو يلتزم بإخراج الفروع عنه بل غير الأصول ، فإنّ العلم لا اختصاص له بخصوص الأحكام الشّرعيّة ؛ ضرورة شموله لغيرها. اللهمّ إلاّ أن يستظهر إرادة خصوص العلوم
__________________
الباب الأوّل من أبواب « مقدمة العبادات » ـ ح ٣٤.