للحكم بحجيّة الظّن ؛ لأنّ العمل المتعلّق للوجوب في الفرض إنّما يكون مقدّمة للمسألة الأصوليّة ، فإذا لم يكن الظّن حجّة فيها لم يعقل الحكم بحجيّته بالنّسبة إلى تلك المسألة أيضا لقضيّة الاستتباع والتّلازم بين وجوب المقدّمة وذيها.
فإن شئت قلت : إنّما يكون الظّن في حكم المقدّمة حجّة إذا أمكن استكشاف حكم ذي المقدّمة منه بأن كانا عمليّين ، وأمّا إذا لم يكن الاستكشاف المذكور كما في المقام فلا معنى للحكم بحجيّة الظّن بالنّسبة إلى حكم المقدمة لعدم إمكان التّفكيك بين الحكمين في حكم العقل كما هو ظاهر ، هذا.
ولكنّك خبير بأنّه توهّم فاسد وتمحّل بارد ؛ لأنّ ما قدّمنا من الحكم بعدم حجيّة الظّن في الاعتقاديّات وذكره الأكثر إنّما هو بالنّسبة إلى التّدين بمتعلّق الاعتقاد مع عدم العلم به كالتّديّن بتفويض الأحكام إلى النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وتفضيل بعض الأنبياء أو الأوصياء على بعض ، أو كيفيّة علمهم بالأشياء من حيث كونه حصوليّا أو إراديّا أو حضوريّا إلى غير ذلك بمجرّد قيام الظّن بالمذكورات.
وهذا لا تعلّق له بإمكان إثبات وجوب الاعتقاد وتحصيل العلم بالظّن أصلا كما لا يخفى سواء فرض تعلّقه بنفس الاعتقاد الّذي يسمّى بالمسألة الأصوليّة أو بمقدّماته ؛ لأنّ المانع من الحكم بحجيّة الظّن في الأصول ، لم يكن إلاّ كون الأثر من آثار الاعتقاد كما في التّدين وهذا لا دخل له بالمقام. وقد عرفت : أنّه لو لم يكن التّديّن بالواقعيّات في الأصول من آثار الاعتقاد بها لم يكن مانع من الحكم بوجوبه.