« وفيه : أنّ نتيجة المقدّمات المذكورة لا تتغيّر بتقريرها على وجه دون وجه فإنّ مرجع ما ذكره من الحكم بوجوب الرّجوع إلى الأمارات الظّنية في الجملة إلى العمل بالظّن في الجملة ... إلى آخره » (١).
فإنّه يمكن أن يقال : إنّ التّرديد والدّوران في المهملة بين الكليّة والجزئيّة إنّما هو بحسب الأسباب حقيقة ؛ إذ لا دوران في النّتيجة بحسب الموارد والمراتب على التّقريرين حقيقة على ما عرفت تفصيل القول فيه ، فإذا احتمل العقل أن يكون المجعول مطلقا أو في خصوص زمان الانسداد الظّن الحاصل من السّبب الخاصّ من حيث إنّه حاصل منه فيكون المجعول حقيقة السّبب الفلاني بشرط حصول الّظن فللسّبب مدخل في الحجيّة حقيقة ، فلا يلزم هناك إشكال بخروج القياس أصلا ، فالإيراد المتوجّه عليه حقيقة : هو بطلان تقرير الكشف سواء فرض بالنّسبة إلى الأسباب أو المسبّبات ، وإلاّ فعدم توجّه الإشكال على هذا التّقرير ممّا لا ريب فيه على كلّ تقرير ، إلاّ أنّ المحقّق القميّ قدسسره زعم : أنّ المستكشف من المقدّمات على تقرير الكشف هو حجيّة الأمارات الظّنية بشرط حصول الظّن الشّخصي منها على سبيل الإهمال فتأمل.
ممّا ذكرنا كلّه يظهر لك : أنّ مراد المحقّق من التّعارض ـ في كلامه المحكيّ في « الكتاب » ـ ليس هو التّعارض الحقيقي ، بل مجرّد التّقابل فيكون الحجّة السّليمة فيما يقابل فيه الأمارات ما يفيد الظّن الشّخصي من جهة قوّته أو معاضدته بغيره ، ويطرح غيره من جهة عدم وجود مناط الحجيّة فيه سواء كان أصلا على
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ١ / ٥٢٥.