كونها أقرب في النّظر إلى الواقع ، وإن فرض حصوله فليس الحكم بالحجيّة منوطا به ، بل كان من المقارنات الاتفاقيّة كما في العمل بأصل البراءة والاستصحاب ، بخلاف الأمارات المعتبرة على أحد هذين الوجهين ؛ فإنّ حجيّتها منوطة بالوصف المعتبر فيها من الظّن والأقربيّة » (١) انتهى كلامه رفع مقامه.
ومراده من القسم الأوّل ، أي : كون وجوب العمل بالظّن حكما واقعيّا ليس ما جرى عليه الاصطلاح في الفرق بين الحكم الواقعي والظّاهري بقول مطلق ، بل مراده كون وجوب العمل من لوازمه بحيث لا يتخلّف عنه مطلقا كما هو الشّأن في العلم عنده وعند أخيه المحقّق المتقدّم ذكره ؛ حيث إنّهما التزما بكون العلم واجب العمل بحكم الشارع وكون وجوب العمل به من هذا القسم كما صرّح به الشّيخ المحقّق المحشّي فيما عرفت من كلامه المتقدّم ، وإن كان لهذا الفاضل كلام في قطع القطّاع يظهر منه كون حجيّة العلم مشروطة بعدم منع الشارع عنه كالظّن عرفته فيما حكاه شيخنا عنه في فروع العلم.
وتوضيح ما أفاده : أنّ حكم العقل بلزوم الأخذ بالظّن الشّخصي وعدم جواز العدول عنه إلى غيره من الظّنون النّوعيّة والشّك والوهم عند انسداد باب العلم ، كحكمه بلزوم الأخذ بالعلم وعدم جواز العدول عنه إلى غيره مطلقا ، ولو كان هو الظّن الشّخصي الاطمئناني عند التّمكن من تحصيل العلم بالواقع ، فكما أنّ حكم الشارع بجواز العدول عن تحصيل العلم والأخذ بغيره عند التّمكن من تحصيل العلم لا يكون تخصيصا لحكم العقل بحرمة العمل بغير العلم في زمان الانفتاح ،
__________________
(١) الفصول الغرويّة : ٢٨٥.