النّهي على وجه الطّريقيّة أيضا هذا.
وقد يناقش فيما أفاده قدسسره : بأنّه إذا بني على التّصرّف في أكثر الأخبار الظّاهرة في ابتناء النّهي على الطّريقيّة الصّرفة من جهة وجود الصّارف العقلي ، فلا يتعيّن حملها على زمان الانفتاح ؛ لإمكان التّصرف فيها على وجه لا ينافي حكم العقل مع شمولها للزّمانين ، كما هو الظّاهر منها بأنّ المقصود منها الإرشاد إلى غلبة خلاف الواقع في القياس ، وبيان هذا الأمر المخفيّ وإن لم يكن علّة النّهي منحصرة فيها بل مركّبة منها ومن ملاحظة المفسدة كما نطقت به سائر الأخبار ، ففيه نوع من الجمع بين الأخبار مع إبقائها على ظاهرها وهو شمولها للزّمانين هذا.
وقد يتفصّى عن المناقشة المذكورة : بأنّ ظهور الأخبار في حصر علّة النّهي في الطّريقيّة وكثرة الخطأ في العمل بالعقول الظّنيّة ، أقوى من ظهورها في العموم ، فارتكاب التّخصيص أولى من التّصرّف في الحصر ، مضافا إلى ما ذكر في محلّه :من أنّ ارتكاب التّخصيص في العام عند دوران الأمر بينه وبين ارتكاب خلاف ظاهر آخر أوهن.
اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّها ظاهرة في القضيّة الطّبيعيّة الآبية عن التّخصيص ، ألا ترى إلى قوله عليهالسلام في رواية أبان بن تغلب « يا أبان إنّك قد أخذتني بالقياس وإن السّنة إذا قيست محق الدّين » (١) وإلى قوله عليهالسلام في رواية أخرى : « إنّ دين الله لا يصاب بالعقول » (٢) وغيرهما؟ فهل يجوز حملها على زمان الانفتاح؟
__________________
(١) الكافي الشريف : ج ٧ / ٣٠٠ باب « الجراحات والقتل بين النساء » ـ ح ١ ، وعنه الوسائل :ج ٢٩ / ٣٥٢ باب « ان دية أعضاء الرجل والمرأة سواء » ـ ح ١.
(٢) كمال الدين وتمام النعمة : ٣٢٤ باب «٣١» ـ ح ٩ ، عنه مستدرك الوسائل : ح ١٧ / ٢٦٢