بالنّسبة إلى ما يترتّب على عصيان التّكاليف المعلومة من المؤاخذة واستحقاق العقوبة هو العدم ولا تنافي بينهما أصلا.
وعلى ما ذكرنا ينزّل ما ذكره المحقّق القمّي قدسسره في أوائل « القوانين » : من أنّ قضيّة دوران الأمر بين شرطيّة شيء للمأمور به وعدمها هي الشّرطيّة ؛ لأنّ الأصل عدم تحققّه بدونه.
فلا يتوجّه عليه ما أورد عليه في « الفصول » : من أنّ هذا الكلام منه ينافي ما بنى عليه الأمر في مسألة الشّك في الشّرطيّة من الرّجوع إلى البراءة من غير إشكال فيه أصلا ؛ لأنّ مبنى ما ذكره في أوّل الكتاب من أنّ قضيّة الدّوران هي الشّرطيّة إنّما هو بالنّسبة إلى الآثار والأحكام المترتّبة على المشروط ممّا هو من قبيل الوضع.
وقد عرفت : أنّه حسن لا محيص عنه بل عليه بناء العقلاء والعلماء ؛ إذ لا يتوهّم أحد كون الأصل وجود المشروط وترتيب آثاره عليه مع الشّك في وجود الشّرط. وهذا لا ينافي الحكم بالبراءة في المسألة المذكورة من جهة استقلال العقل في الحكم بقبح العقاب من دون بيان كما هو الحقّ وعليه المحقّقون ؛ لأنّ الحكم بالبراءة والاشتغال في المسألة المذكورة ليس مبنيّا على جواز إحراز الماهيّة بالأصل وعدمه كما بنى عليه الأمر في « الفصول ».
بل هو مبنيّ على أنّ مجرّد العلم الإجمالي بالتّكليف ـ ولو كان المكلّف به مردّدا بين الأقلّ والأكثر ـ يمنع من حكم العقل بالبراءة ويوجب حكمه بالاحتياط