الفعل اللاّ بشرط أوّلا وبالذات ، إلاّ أن الحكم برفعه عن مورد الشك يلزم تخصيصه بصورة العلم ، وهو بالنسبة إلى الشبهة الحكمية محال ، ومناف لنفس الحديث. وبالنسبة إلى الشبه الموضوعيّة مناف لنفس الحديث ؛ فإنّه يوجب أن يكون الموضوع المردّد حلالا واقعيّا ، مع أنّ المدّعى الذي يريد إثباته بالرواية كونه حلالا ظاهريّا.
قلت : المرفوع بالحديث الشريف بالنسبة إلى ( ما لا يعلمون ) وغيره ليس استحقاق المؤاخذة والعقوبة أوّلا وبالذات ؛ حتى يتوجّه عليه السؤال المذكور ، بل المرفوع أوّلا وبالذات أمر شرعيّ يترتّب على رفعه رفع الأثر العقلي المزبور وهو ممّا لا غبار عليه حسبما عرفت في طي الأمر الثاني. وهذا الأمر الشرعي المرفوع أوّلا وبالذات هو إيجاب التحفّظ والاحتياط لا نفس الحكم الواقعي حتى يلزم على رفعه المحذور المزبور على كلّ تقدير.
فإن قلت : لا معنى لجعل المرفوع أوّلا وبالذات هو إيجاب الاحتياط ، أمّا أولا : فلأنه مبنيّ على تسليم دلالة أخبار الاحتياط على وجوبه عموما وهو ممنوع. وأمّا ثانيا : فلأنّ وجوب الاحتياط على تقدير ثبوته مترتّب على الشك في الحكم الإلزامي واحتمال الحرمة لا على المشكوك والفعل اللاّبشرط فوجوب الاحتياط وإن كان حكما شرعيّا إلاّ أنّه مترتّب على الفعل بشرط الجهل وعدم العلم.