الأمر ثابتا واقعا ومرادا عن المكلّفين كذلك. والفرق بينهما أي : الدلالة والثبوت النفس الأمري والإرادة الواقعيّة لا يكاد أن يخفى.
وعلى ما ذكرنا يحمل قوله قدسسره في الجواب : « وحينئذ إذا فرضنا أنه لا يقبح في العقل أن يوجّه التكليف بشرب الخمر على وجه يشمل صورة الشك فيه ... إلى آخره » (١).
فإن المراد منه عدم إيجاب الشارع امتثال الحكم الواقعي بقول مطلق ، لا التوجيه من نفس الخطاب المتعلّق بشرب الخمر فإن ثبوت الحكم في مرحلة الواقع تابع للخمر الواقعي وجعله دليلا عليه مع الشك وطريقا إليه محال لا يمكن تصرّف الشارع فيه أصلا.
كما أنه المراد بقوله بعد ذلك : « وإلا فليس في التكاليف ما يعمّ صورة النسيان ... إلى آخره » (٢).
فإن العموم بمعنى الثبوت النفس الأمري لا يمكن إنكاره ، والذي يقبح عقلا هو إيجاب امتثاله مطلقا حتى مع النّسيان الصّادر عن ترك التحفّظ الذي لا ينفكّ عن الطبيعة الإنسانية فينطبق مع المراد بالتوجيه في العبارة المتقدّمة. هذا على تقدير عدم دليل على وجوب الاحتياط مطلقا حتى في الشبهات البدويّة.
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ٢ / ٣٣.
(٢) المصدر السابق : ج ٢ / ٣٤.