__________________
الضرر المحتمل وقد عرفت سابقا في رسالة الظن صحّة حكم العقل بدفع الضرر المحتمل اذا كان الضرر عظيما خطيرا سيّما مثل العقاب الأخروي الذي يسيره كثير ، ومن الواضح أنّ محلّ كلامنا من القسم الثاني الذي لا يحكم العقل بقبح العقاب لأنا نعلم بخفاء أحكام كثيرة قد بيّنها الشارع ولم تصل الينا أو لم يبيّنها من جهة التقيّة فكيف نقطع حينئذ بالبراءة وقبح العقاب على الواقع المجهول؟
وما استشهد في المتن به من حكم العقلاء بقبح مؤاخذة المولى عبده على فعل ما اعترف بعدم إعلامه أصلا بتحريمه مسلّم فيما إذا علم العبد عدم الإعلام باليقين مع علمه بأنّه لو لم يكن مانع للمولى بالإعلام من تقيّة ونحوها وإلاّ نمنع قبح المؤاخذة كما اذا احتمل العبد أنّ عدم البيان من المولى لعله من خوفه من عدوّه الفلاني الحاضر عنده ، وكما لو فرض أنّ المولى كتب طومارا مشتملا على جميع ما يريد من العبد فعلا وتركا ثم ضاع بعض أوراق ذلك الطومار بسبب من الأسباب ولو بغير تقصير العبد فلو عاقب المولى عبده في الفرضين على ما لم يصل إلى العبد من حكمه لم نقطع بقبحه كما يشهد به وجدان اصحاب الأذهان المستقيمة.
فاتضح من ذلك كلّه صحّة دعوى أنّ حكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل بيان عقلي لأنّ البيان المأخوذ في موضوع حكم العقل بقبح العقاب أعم من البيان للحكم الظاهري المجعول بالنسبة إلى خصوص حال الجهل.
ومن العجب أنّ المصنّف يقول بثبوت حكم العقل بقبح العقاب في الشبهات الموضوعيّة التي ليست بيانها من وظيفة الشارع.