ما قرّره النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وبيّنه مع عدم محذور فيه ، يقرّب قبول لزوم ترك الشاذّ الذي فيه ريب في طريق الحكم في مقام التحيّر ، ودوران الأمر بينه وبين الأخذ بما لا ريب فيه بالنسبة إليه.
ومنع دلالته على كون ترك الشبهة واجبا على تقدير الإغماض ثانيا ؛ فإنّ الاستدلال برجحان ترك المشتبه المردّد بين الحلال والحرام على لزوم ترك الشاذ من الخبرين في مقام الطريق المترتّب على العمل به الخطأ كثير أو الأخذ بما ليس طريقا شرعا لا ضير فيه أصلا ، وإن هو إلاّ نظير الاستدلال بكراهة الصّلاة في ثوب من لا يحترز عن النجاسات على عدم جواز الصّلاة في الثوب النجس.
وهذا الجواب الثاني كما ترى ، لا يخلو عن مناقشة. ومن هنا أمر شيخنا قدسسره بالتأمّل فيه (١) ؛ فإنّ مبني ما أفاده بقوله : « فيكفي حينئذ ... الى آخره » (٢) على
__________________
(١) قال السيّد المحقق اليزدي قدسسره :
« لعلّ وجهه أن الظاهر من الإستشهاد أن طرح الخبر الشاذ من صغريات الأمر المشتبه المطلوب الترك فيكون ترك الشبهة مطلقا واجبا لكي يصحّ التعليل ، لا انّ الإستشهاد لأجل هذه المناسبة البعيدة عن الذهن ويحتمل ان يكون اشارة إلى منع حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان في نفسه ولو سلّم يمنع من حكمه فيما اذا أخبر الشارع تنجّز الواقع المجهول على ما هو مفاد أخبار التثليث كما سبق تحقيقه غير مرّة لكنّ المظنون أنّ هذا الوجه غير مراد المتن بل لعلّه مقطوع به فتدبّر » إنتهى. أنظر حاشية فرائد الأصول : ج ٢ / ١٤٤.
(٢) فرائد الأصول : ج ٢ / ٨٤.