وأمّا عدم التنافي بملاحظة دليل اعتباره ؛ فلأنّ معنى حجيّة الأمارة على ما عرفت مرارا ترتيب الآثار الشرعية المترتبة على موردها ، ولو بواسطة عند قيامها وجعلها من الشارع في مرحلة الظاهر ما دامت الأمارة قائمة ، فمؤدّاها واقع جعليّ بهذا المعنى لا تنزيلها منزلة العلم في ترتب ما يترتّب عليه قهرا عليه ؛ ضرورة عدم إمكان تعلق الجعل به.
مضافا إلى عدم مساعدة دليل الاعتبار عليه ، ومن المعلوم ضرورة عدم منافات الاعتبار بهذا المعنى لبقاء العلم الإجمالي بالمحرّمات في ضمن المشبّهات ، فإنه إذا قامت الأمارة على حرمة بعض الأمور كان معنى اعتبارها ترتيب الآثار الشرعيّة المترتّبة على المحرّمات على موردها في مرحلة الظاهر ، فلا ينافي الحكم بوجوب الاجتناب عن الموارد الخالية عنها احتياطا لمراعات العلم الإجمالي الكلي ، وإذا قامت على إباحة بعض الأمور كان معناه أيضا ترتيب آثارها الشرعيّة ويلزمه عقلا ارتفاع العقاب عن الحرام الواقعي المتحقق في ضمنها على تقدير الخطأ وهذا لا ينافي ثبوت العقاب على مخالفته بالنسبة إلى ما لا أمارة على إباحته.
نعم ، لو كان مفادها حصر الواقعات في مواردها كالبيّنة القائمة على تشخيص النّجس ، أو الحرام في الشبهة المحصورة ، أو كان مفاد دليل اعتبارها تشخيص المحرّمات بها بحيث يرجع مفاده إلى قضيّتين ، أي : البناء على حرمة ما قامت الأمارة على حرمته وحلّيته ما عداه ، تعيّن الحكم بعدم وجوب الاحتياط