رجع الى الفتح فقد رده أعرف الناس به الحافظ الحجة أبو عمرو الدانى فقال بعد أن أسنده وأسند رواية الإسكان فى جامع البيان هو خبر باطل لا يثبت عن نافع ولا يصح من جهتين : إحداهما أنه مع انفراده وشذوذه معارض للأخبار المتقدمة التى رواها من تقوم الحجة بنقله ويجب المصير إلى قوله والانفراد والشذوذ لا يعارضان التواتر ولا يردان قول الجمهور. قال والجهة الثانية أن نافعا لو كان قد زال عن الإسكان إلى الفتح لعلم ذلك من بالحضرة من أصحابه الذين رووا اختياره ودونوا عنه حروفه كإسحاق بن محمد المسيبى واسماعيل بن جعفر الأنصارى وسليمان بن جماز الزهرى وعيسى بن مينا وغيرهم ممن لم يزل ملازما له ومشاهدا لمجلسه من لدن تصدره إلى حين وفاته ولرووا ذلك عنه أو رواه بعضهم إذ كان محالا أن يغير شيئا من اختياره ويزول عنه إلى غيره وهم بالحضرة معه وبين يديه ولا يعرفهم بذلك ولا يوفقهم عليه ويقول لهم كنت اخترت كذا ثم زلت الآن عنه إلى كذا فدونوا ذلك عنى وغيروا ما قد زلت عنه من اختيارى فلم يكن ذلك وأجمع كل أصحابه على رواية الاسكان عنه نصا وأداء دون غيره فثبت أن الذى رواه الحمراوى عن أبى الأزهر عن ورش باطل لا شك فى بطلانه فوجب اطراحه ولزم المصير إلى سواه بما يخالفه ويعارضه. قال الدانى رحمهالله والذى يقع فى نفسى وهو الحق إن شاء الله تعالى أن أبا الأزهر حدث الحمراوى الخبر موقوفا على ورش كما رواه عنه من قدمنا ذكره من جملة أصحابه وثقات رواته دون اتصاله بنافع واسناد الزوال عن الاسكان إلى الفتح اليه بل لورش دونه فنسى ذلك على طول الدهر من الأيام فلما أن حدث به أسنده إلى نافع ووصله به وأضاف القصة اليه فحمله الناس عنه كذلك وقبله جماعة من العلماء وجعلوه حجة وقطعوا بدليله على صحة الفتح ومثل ذلك قد يقع لكثير من نقلة الأخبار ورواة السنن فيسندون الأخبار الموقوفة والأحاديث المرسلة والمقطوعة لنسيان يدخلهم أو لغفلة تلحقهم فإذا رفع ذلك إلى أهل المعرفة ميزوه ونبهوا عليه وعرفوا بعلته