عليه المكين الأسمر تلك الليلة الختمة بالقراءات السبع من أولها وعند طلوع الفجر إذا به يقول ( مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ) فختم عليه الختمة جمعا بالقراءات السبع فى ليلة واحدة. إذا تقرر ذلك فليعلم أنه من يريد تحقيق علم القراءات وإحكام تلاوة الحروف فلا بد من حفظه كتابا كاملا يستحضر به اختلاف القراء وينبغى أن يعرف أولا اصطلاح الكتاب الذى يحفظه ومعرفة طرقه وكذلك إن قصد التلاوة بكتاب غيره ولا بد من إفراد القراءات التى يقصد معرفتها قراءة قراءة على ما تقدم فإذا أحكم القراءات إفرادا وصار له بالتلفظ بالأوجه ملكة لا يحتاج معها إلى تكلف وأراد أن يحكمها جمعا فليرض نفسه ولسانه فيما يريد أن يجمعه ولينظر ما فى ذلك من الخلاف أصولا وفرشا فما أمكن فيه التداخل اكتفى منه بوجه وما لم يمكن فيه نظر فان أمكن عطفه على ما قبله بكلمة أو بكلمتين أو بأكثر من غير تخليط ولا تركيب اعتمده وإن لم يحسن عطفه رجع الى موضع ابتدأ حتى يستوعب الأوجه كلها من غير اهمال ولا تركيب ولا اعادة ما دخل فان الأول ممنوع والثانى مكروه والثالث معيب وذلك كله بعد أن يعرف أحرف الخلاف الواجب من أوجه الخلاف الجائز فمن لم يميز بين الخلافين لم يقدر على الجمع ولا سبيل له الى الوصول الى القراءات وكذلك يجب أن يميز بين الطرق والروايات وإلا فلا سبيل له الى السلامة من التركيب فى القراءات وسأوضح لك ذلك كله ايضاحا لا يحتاج معه الى زيادة بتوفيق الله سبحانه وتعالى وعونه ( فاعلم ) أن الخلاف إما أن يكون للقارئ وهو أحد الأئمة العشرة ونحوهم أو للراوى عنه وهو واحد من أصحابه العشرين المذكورين فى كتابنا هذا ونحوهم أو للراوى عن واحد من هؤلاء الرواة العشرين أو من بعده وإن سفل أو لم يكن كذلك فان كان لواحد من الائمة بكماله أى مما أجمع عليه الروايات والطرق عنه فهو قراءة وإن كان للراوى عن الإمام فهو رواية وإن كان لمن بعد الرواة