من الجنة فهتف بى هاتف يا أبا سليمان قد وضعنا فى هذه ما أصابها ولو كانت الأخرى مكشوفة لوضعنا فيها ؛ قال فآليت على نفسى أن لا أدعو إلا ويداى خارجتان حرا كان أو بردا ( ومنها ) الجثو على الركب والمبالغة فى الخضوع لله عزوجل والخشوع بين يديه ويحسن التأدب مع الله تعالى لحديث عامر بن خارجة بن سعد عن جده سعد رضياللهعنه أن قوما شكوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم قحوط المطر قال : فقال اجثوا على الركب ثم قولوا يا رب يا رب قال ففعلوا فسقوا حتى أحبوا أن يكشف عنهم. رواه أبو عوانة فى صحيحه. وأما ما روى عنه صلىاللهعليهوسلم أنه كان إذا ختم القرآن دعا قائما كما أورده ابن الجوزى فى كتابه الوفا وغيره فلا يصح وسيأتى إسناده والكلام عليه آخرا والله أعلم.
وإذا نظر العاقل إلى دعاء الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه وكيف خضوعهم وخشوعهم وتأدبهم عرف كيف يسأل ربه عزوجل ؛ فمن دعاء آدم وحواء عليهماالسلام : ( رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ ) ونوح عليهالسلام ( رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ ) ، ( أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ ) وموسى عليهالسلام ( تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ) ، ( رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ) وزكريا عليهالسلام ( رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا ) وأيوب عليهالسلام ( مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ) وإبراهيم عليهالسلام لما قصد الدعاء ( وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ) فأضاف الشفاء الى الله تعالى دون المرض تأدبا. وفى صحيح مسلم أن النبى صلىاللهعليهوسلم كان يدعو فى الصلاة « اللهم أنت الملك لا إله الا أنت. أنت ربى وأنا عبدك ظلمت نفسى واعترفت بذنبى فاغفر لي ذنوبى جميعا لا يغفر الذنوب إلا أنت واهدنى لأحسن الأخلاق لا يهدى لأحسنها إلا أنت. واصرف عنى سيئها لا يصرف عنى سيئها