واجيب بالمنع من ردّه إلى مشيّتنا * ، وإنّما ردّه إلى استطاعتنا وهو معنى الوجوب **.
__________________
ولو سلّم فهو لنفي وجوب التكرار لا نفي أصل الوجوب ، كما أنّها بناء على حملها على القدرة تفيد وجوب التكرار ، فتنهض دليلا على القول بالتكرار ، فلذا تمسّك بها بعض الفضلاء على هذا المطلب ، مع أنّ إطلاق التعليق على المشيّة ـ لو سلّم ـ من دون تنبيه على رجحان الفعل ولا إشارة إلى مرجوحيّة الترك يلائم الإباحة ، وهو خلاف المطلوب كما عرفت.
* اجيب عنه تارة : بأنّ الرد إلى المشيّة يشير إلى الإباحة ولا أقلّ من كونه أعمّ منه ومن الندب ، فمن أين يصحّ كونه بمعنى الندب.
ثمّ إنّه لا دلالة فيه على كون اللفظ موضوعا للندب ، إذ غاية الأمر أن يكون ذلك مرادا منه وهو أعمّ من الحقيقة.
واخرى : بأنّ غاية ما يقتضيه الرواية كون « الأمر » للندب وهو غير الصيغة وهو جيّد ، وإن كان اجيب عنه بالإجماع المركّب ، لأنّ كلّ من قال بكون المادّة للندب فقط قال بكون الصيغة له كذلك ، كما أنّه كلّ من قال بكون الصيغة للوجوب قال بكون المادّة له وبالأولويّة ، نظرا إلى أنّ الخلاف وعدم الظهور في الصيغة أكثر من المادّة ، فلو قال في المادّة بكونها للندب فالأولى بذلك قوله بكون الصيغة له ، وفي كلا الوجهين نظر يظهر بأدنى تأمّل.
وثالثة : بأنّ البيان ربّما يشعر بأنّ الندب غير معناه الحقيقي ، إذ لو كان معناه الحقيقي لم يحتج إلى البيان.
** واعترض عليه تارة : بما أشرنا إليه مع ردّه ، من أنّ الردّ إلى استطاعتنا لا دلالة له على كون « الأمر » للوجوب ، إلاّ إذا ثبت أنّ قوله صلىاللهعليهوآله : « فأتوا » للوجوب ، وهو يفضي إلى الدور ، بل الصواب أن يقال : فلا يفيد الندب.
واخرى : بأنّ الردّ إلى الاستطاعة كما هو حاصل في الواجب فكذا في المندوب ، ضرورة عدم استحباب الإتيان بغير المقدور ، فهو أعمّ من الوجوب والندب.
والأولى أن يجاب بما عن الآمدي : بأنّ الّذي وقع التصريح به في الرواية إنّما هو الردّ إلى الاستطاعة لا المشيّة ، وهو ليس من خواصّ الندب حتّى يستدلّ به على كون مطلق « الأمر » للندب ، ضرورة كون كلّ واجب مردودا إلى الاستطاعة بل هو أولى بذلك ، حيث إنّه منع من تركه بخلاف المندوب ، فلا يكون الرواية نصّا ولا ظاهرا في المطلوب إن لم