بعدم وجوبه. واشتهرت حكاية هذا القول عن المرتضى رضى الله عنه وكلامه في الذريعة والشافي غير مطابق للحكاية. ولكنّه يوهم ذلك في بادئ الرأي ، حيث حكى فيهما عن بعض العامّة إطلاق القول بأنّ الأمر بالشيء أمر بما لا يتمّ إلاّ به. وقال : « إنّ الصحيح في ذلك التفصيل بأنّه إن كان الّذي لا يتمّ الشيء إلاّ به سببا ، فالأمر بالمسبّب يجب أن يكون أمرا به. وإن كان غير سبب ، وإنّما هو مقدّمة للفعل وشرط فيه ، لم يجب أن يعقل من مجرّد الأمر أنّه أمر به ».
__________________
هو المقرّر من أنّ الإضافات تختلف باختلاف الجهات.
وربّما يوجّه ذلك القيد أيضا : بأنّ المراد بالقيد الأوّل إنّما هو الإطلاق بحسب اللفظ ، أي ما لم يقيّد وهو لا يستلزم الإطلاق بالمعنى المصطلح في ذلك المقام ، فهو مخرج لما يكون مقيّدا بحسب اللفظ فيبقى ما يكون مقيّدا بحسب المعنى من غير أن يذكر القيد في اللفظ محتاجا إلى قيد آخر فاحتيج إلى اعتبار قيد « المقدوريّة ».
وأنت خبير بوهن كلّ هذه الكلمات وكونها ناشئة عن اشتباه المراد من القيد ، فإنّ الاعتراضات مع ما ذكر من التوجيهات إنّما تستقيم إذا كان مرادهم من المقدّمة الغير المقدورة ما صارت غير مقدورة بالعرض ، كمسافة الحجّ ونظائرها إذا طرأها عدم القدرة عليها وهو ظاهر الفساد ، بل المراد بها ما تنبّه عليه غير واحد من شرّاح المختصر ما كانت غير مقدورة للمكلّف بالذات ، كالقدرة على الفعل واليد في الكتابة ، والرجل في المشي ، وحضور الإمام وتمام العدد في الجمعة ، فإنّها لا تكون واجبة بل عدمها تمنع الوجوب على أنّها قبل الوجود ممتنعة وبعده واجبة.
وعلى التقديرين خارجة عن قدرة المكلّف فلا تصلح موردا للتكليف ، مضافا إلى أداء إيجابها بعد الوجود إلى طلب الحاصل وهو محال ، وإلى أنّها مع الغضّ عن ذلك لا تصلح بالذات لأن يتعلّق بها الوجوب الّذي هو من عوارض فعل المكلّف وهي ليست منه ، فلابدّ من اعتبار قيد يوجب خروجها عن المتنازع فيه ، لما يصدق على كلّ واحد من أنّه ما لا يتمّ الواجب إلاّ به فيشملها العنوان لولا القيد المذكور.
ولكنّه مع الإغماض عمّا ذكرنا من خروج الواجب المشروط بجميع أنواعه بظهور