ولا الوجوب الإرشادي ، بل إنّما هو في الوجوب الغيري لا مطلقا بل إذا كان تبعيّا ، وهو برزخ بين اللابدّية والوجوب الأصلي.
والمراد بالواجب التبعي ـ على ما تقدّم بيانه مفصّلا ـ ما من شأنه أن يطلبه المولى فعلا طلبا تفصيليّا لو التفت إليه ، فانتفاء الطلب التفصيلي فعلا إنّما هو مسبّب عن عدم التفاته إليه ، نظرا إلى أنّ الطلب أمر نسبيّ إضافيّ لا يتحقّق في الخارج إلاّ بعد تحقّق شرائط الإضافة.
ومنها وجود المنتسبين ، الطالب والمطلوب عنه.
ومنها تصوّر المطلوب والالتفات إليه ، وبهذا المعنى هو الّذي يعبّر عنه بالمدلول الالتزامي التبعي ، وله نظائر كثيرة من الطلبيّات وغيرها.
أمّا الثاني : فكما في الوكالة لو وكّله على بيع شيء له ، فإنّه يتضمّن إقرارا بأن لا يكون على الوكيل حقّ للموكّل لو خرج المبيع مستحقّا للغير ، فحينئذ لو اتّفق خروجه كذلك
__________________
أكثر الحيض خمسة عشر يوما ، وكذا أقلّ الطهر ، إذ لا شكّ أنّ بيان ذلك غير مقصود ولكن لزم من حيث إنّه قصد به المبالغة في نقصان دينهنّ والمبالغة يقتضي أكثر ما يتعلّق به الغرض هكذا قيل ، وإن شئت تفصيل الكلام في هذه المراتب فانتظر ، فإنّ له محلّ مناسب سيجيء في المتن.
وأمّا الخامس : فلأنّ ضعف القول بالنفي وندرة القائل به بل وعدمه كما نفاه بعضهم أو عدم تعيّنه وعدم الاعتناء بشأن ما تعيّن في المقام في كلام العلاّمة دليل واضح على أنّ الوجوب التبعي هو المقصود بالعنوان وأنّه محلّ البحث فإنّ الضروري لشدّة بداهته قد يصير نظريّا لضعفاء العقول ويلحقه الإنكار منهم لشبهة عرضت لهم فلو لا ذلك هو محلّ البحث لكان ينبغي أن يكون النفي مذهبا للجمهور والمحقّقين ، فكيف يجامعه مصيرهم إلى خلافه ، فلا وجه لما أفاده المحقّق الخوانساري عند تحريره لمحلّ الخلاف بقوله : « وإنّما النزاع في تعلّق الخطاب الشرعي بها حتّى يكون الخطاب بالكون على السطح مثلا خطابا بأمرين ، أحدهما : الكون على السطح والآخر : سببه أو شرطه أم لا؟ أو في ترتّب استحقاق الذمّ على تركهما حين تركها دون ترك مشروطها هو ترتّب استحقاق ذمّين على تركهما معا أو تعلّق الإرادة الحتميّة أو الطلب بايجادها أو اشتمال تركهما على مفسدة ».
أمّا في الأوّل فلما عرفت مفصّلا ، وأمّا في الثاني والثالث فلأنّه خلاف في الثمرة لا في أصل المسألة كما نبّه عليه بعض الفضلاء.
وأمّا في الرابع : فلأنّ المراد بالإرادة الحتميّة أو الطلب بإيجاد المقدّمة إن كان الإرادة والطلب شأنا لا فعلا فهو وإلاّ رجع إلى الأوّل ، فليس احتمالا آخر مقابلا له.
وأمّا في الخامس : فلأنّ المفسدة المترتّبة على ترك المقدّمة إن اريد بها إدّاءه إلى ترك ذى المقدّمة فهو ممّا لا يقبل النزاع فيه أصلا ، فلا وجه لتنزيل الخلاف الكذائي الّذي صار من مهمّات مسائل الاصول إلى هذا المعنى ، وإن اريد بها استحقاق الذمّ والعقاب على ترك المقدّمة فهو راجع إلى الثاني والثالث وكأنّ محلّ النزاع [ صار ] مشتبها له رحمهالله وغيره. ( منه عفى عنه ).