الحدوث حيث لم يعتبر فيها ما يلزمه الحدوث ، فلأجل ذلك تصحّ أن تكون من الله سبحانه قديمة.
فضابط الفرق بينهما حسبما يساعده النظر في اختلاف موارد إطلاقاتهما بحيث يكون جامعا بين تلك الشتات وخصوصيّات تلك الموارد ، أنّ الطلب حالة نفسانيّة إذا حدثت في النفس تبعث بلا مهلة على استعمال علاج ينبئ عن الالتزام بشيء أو إلزام الغير بذلك الشيء ، ومن موارد إطلاق الأوّل طلب العلم ومنه قوله عليهالسلام : « طلب العلم فريضة لكلّ مؤمن ومؤمنة » وما يضاف إلى الجثث والأعيان حسبما تقدّم بيانه ومن موارد إطلاق الثاني « طلبت منك كذا » وما اعتبر في مفهومي الأمر والصيغة ، فلذا صار هنا من الامور الإضافيّة كما عرفت ، والإرادة حالة نفسانيّة إذا حدثت في النفس توجب حصول القابليّة والاستعداد لطروّ الحالة الاولى.
وإن شئت فسّرها بالتهيّؤ كما قد يذكر في كلام بعض أهل اللغة في تفسير قوله : « الجدار يريد أن ينقضّ ».
ومن موارد إطلاقها على هذا المعنى ما تقدّم من الأمثلة بأسرها.
ومن هنا تبيّن أيضا ـ زيادة على ما سبق ـ تقدّم رتبة الإرادة بحسب الوجود على رتبة الطلب ، وأنّه ربّما ينفكّ عن الإرادة لمانع من انتفاء أحد طرفيه المطلوب منه أو فقد شرائط تعلّقه كلاّ أم بعضا حسبما أثبته العقل أو العرف أو الشرع ، كما تبيّن سرّ أنّ الطلب قد يصحّ سلبه في موضع تحقّق الإرادة لعدم كونه من لوازمها والإرادة لا يصحّ سلبها في مواضع ثبوت الطلب لكونه ملزوما لها والملزوم لا وجود له بدون اللازم.
وبالجملة بملاحظة ما ذكرنا من شواهد المغايرة بين الطلب والإرادة وكونه حالة اخرى زائدة على الإرادة يحصل القطع الضروري ببطلان مذهب العدليّة إلاّ لمن خرج عن الإنصاف وتمسّك بذريعة المكابرة والاعتساف ، والمسألة وإن كانت قليلة الجدوى مع دخولها في فنّ الكلام غير أنّه أطلنا البحث فيها لكونها من مزالّ الأقدام مع جواز اندراجها في جملة مبادئ الأحكام.
فمن جميع ما قرّرنا تبيّن فساد ما قرّره المستدلّ في تحقيقه وردّه حرفا بحرف فقوله : « هل تجد في نفسك كيفيّة اخرى ... » إلى آخره ، جوابه : نعم نجد في أنفسنا كيفيّة اخرى هي لا غير مدلول للصيغة مغايرة للإرادة ، وهي الّتي يجدها جميع العقول السليمة على طريق الضرورة والبداهة وما يرى من التخلّف فإنّما هو من جهة سبق الشبهة أو عدم التخلية التامّة.
وقوله : « نعم إذا تحقّق الإرادة وتخلّف إطلاق الصيغة لمانع ... » إلى آخره ، فجوابه : أنّ