البلد مع علمه بكونه يؤدّي إلى ترك الفعل المكلّف به في وقته المضروب له قد أقدم على ذلك الترك من حين ترك المشي فيستحقّ العقاب عليه من ذلك الحين تنزيلا للترك الحكمي منزلة الحقيقي ، إذ المفروض تعلّق الوجوب وتنجّز التكليف قبل حضور الوقت وأمّا الميّت فكذلك إن بنينا في مسألة أمر الآمر مع العلم بانتفاء الشرط على الجواز ، لأنّه مثل الحيّ قد أقدم على مخالفة التكليف الثابت في حقّه منجّزا وإن لم يصدق عليه الترك حقيقة ، وإلاّ فلا يستحقّ العقاب على أصل الفعل لأنّه فرع العصيان وهو فرع تعلّق التكليف ، واتّفاق موته قبل حضور وقت الفعل يكشف عن انتفاء شرط التكليف عنه ، فيكشف عن عدم تعلّقه به.
نعم يستحقّ العقاب من جهة إقدامه على التجرّي المحرّم ، أو على مخالفة اعتقاده بتعلّق التكليف وإن كان قبل اتّفاق موته معتقدا ببقائه إلى حضور الوقت وتمكّنه عن الفعل ، وليت شعري أنّ الالتزام باستحقاق العقاب في الصورة المفروضة وغيرها ممّا تقدّم أيّ شيء ينفع المستدلّ في ثبوت مطلوبه بعد قيام احتمال ترتّبه على ترك ذي المقدّمة ولو حكما ، كيف ولا يثبت له ذلك المطلوب إلاّ بأن يثبت استحقاق عقابين عند ترك المقدّمة أو كون استحقاق الثابت على ترك المقدّمة دون ذيها ، والأوّل ممّا لا سبيل له إلى إثباته والثاني عدول عن وجوب ذي المقدّمة واعتراف بما يخالف إطلاق ذلك الوجوب على ما هو المفروض.
وحادي عشرها : ما قرّره أيضا بقوله : خلاصة ما استدلّ العدليّة على استحقاق الثواب من أنّ إلزام المشقّة من غير عوض قبيح عقلا جار هاهنا ، دالّ على حصول الثواب على المقدّمة ، والمنكرون لوجوب المقدّمة ينكرون استحقاق الثواب عليها وبهذا الوجه يلزم مجرّد الرجحان وإلزام الوجوب يحتاج إلى انضمام مقدّمة اخرى يمكن تحصيلها بأدنى تأمّل ، انتهى.
وكأنّ الوجه في تحصيل تلك المقدّمة ما في بعض العبائر من دعوى الإجماع المركّب على ذلك ، فإنّ كلّ من قال بالرجحان قال بالوجوب وكلّ من ينكر الوجوب ينكر الرجحان أيضا.
وعلى أيّ تقدير كان فجوابه : أنّ هذا الوجه على فرض صحّته إنّما يصلح للاستناد إليه لو كان التشكيك في جريان مقدّمة الواجب مجرى سائر الواجبات في استحقاق الثواب عليها حذرا عن قبح إلزام المشقّة من غير عوض ، وهو كما ترى كلام يتوجّه بعد الفراغ عن إثبات الوجوب وهو أوّل المسألة ، كيف وموضوع القاعدة إنّما هو إلزام المشقّة وهو بالنسبة إلى المقدّمات بمعنى كونها كذيها ممّا ألزم بها الشارع أو الآمر الحكيم مطلقا عين المتنازع